للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر صاحب "الشامل" نَحْواً من هذا (١).

وعند مَالِكٍ: إذا نَكَلَ المُدَّعَى عليه، قضى عليه، ولا حَاجَةَ إلى يَمِينِ المُدَّعِي، وليس ذلك؛ لأنه يذهب (٢) إلى القَضَاءِ بالنُّكُولِ، لكنه جعل نُكُولَ المُدَّعَى عليه، مع شَاهِدِ المُدَّعِي كَنُكُولِ المُدَّعَى عليه، مع يمين المُدَّعِي، واحتج الأَصْحَابُ بأنه، لو نَكَلَ المُدَّعَى عليه، ولو أن المُدَعي بعدما امْتَنَعَ عن الحَلِفِ مع شَاهِدِهِ، واستحلف الخصم، أراد أن يَعُودَ، ويَحْلِفَ مع شَاهِدِهِ، حكى المُحَامِلِيُّ: أنه ليس له ذلك؛ لأن اليَمِينَ قد انقَلَبَ من جَانِبِهِ إلى جانب صَاحِبِهِ، إلا أن يَعُودَ إلى مَجْلِسٍ آخر، فَيَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى، ويقيم الشَّاهِدَ، فحينئذ يَحْلِفُ معه. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَو ادَّعَى عَبْداً فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فأَعْتقَهُ فَلاَ يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وَيمِينٌ لأَنَّهُ يُثْبِتُ الحُرِّيَّةَ دُونَ المِلْكِ، وَلَوِ ادَّعى فِي جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا أنَّهَا مُسْتَوْلَدَتُهُ وَالوَلَدُ مِنْهُ وَحَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ ثَبَتَ مِلْكُ المُسْتَوْلَدَة وَعُتِقَتْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَلاَ يَثْبِتُ نَسَبُ الوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ عَلَى أَقْيَسِ القَوْلَيْنِ إِذْ لاَ مَعْنَى لِتَبَعِيَّتِهِ فِي الحُجَّةِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ، وَهَذِهِ الحُجَّةُ لاَ تَكْفِي لِلحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صورتان، تَرْتَبِطُ إحْدَاهُمَا بالأخرى، وتدخل فيها فَنُؤَدِّيهُمَا، على ما لهما من المُدَاخَلَةِ، والارْتِبَاطِ، ونقول: جَارِيَةٌ وولدها في يَدِ رَجُلٍ يَسْتَرِقُّهَا، فجاء مُدَّعٍ، وقال: هذه مُسْتَوْلَدَتِي، والوَلَدُ مني، عَلِقَتْ به في مِلْكِي، فإن أقام عليه شَاهِدَيْنِ، يَثْبُت ما يَدَّعِيهِ. وإن أقام شَاهِداً وَاحِداً وحَلَفَ معه، أو رَجُلاً وامْرَأَتَيْنِ، يثبت الاسْتِيلاَدُ؛ لأن المُسْتَوْلَدَةَ ومَنَافِعَهَا لِلسَّيِّدِ، وسَبِيلُهَا سَبِيلُ الأموال الثابتة بالحُجَّةِ النَّاقِصَةِ، فَتُسَلَّمُ إليه، وإذا مات حُكِمَ بِعِتْقِهَا، بإقراره (٣)، وهل يُحْكَمُ له بالوَلَدِ؟ فيه قولان:

أحدهما: نعم؛ لأنا حكمنا له بالجَارِيَةِ، والوَلَدُ فَرْعُهَا، فَأَشْبَهَ ما إذا أثبت غَصْبَ الجارية، يُحْكَمُ له بالوَلَدِ الحَاصِلِ منها في يَدِ الغَاصِبِ، وأيضاً فإن الوَلَدَ في دَعْوَاهُ


(١) قال الشيخ البلقيني ما قاله المصنف تبعاً لأصله أنه المنقول. ذكره في الحاوي عن أبي حامد الإسفرايني وقال إنه خطأ انتهى.
وما نقله الشيخ أبو حامد هو المنقول عن القاضي أبي الطيب والقاضي الحسين وابن الصباغ والمحاملي والعمراني وما ذكره الشيخ احتمالاً فقهه ظاهر.
(٢) في ز: مذهب.
(٣) قال الشيخ البلقيني: جزم بأن المستولدة يحكم بعتقها بإقراره وقضية ثبوت الاستيلاد بإقراره وهو أحد وجهين حكاهما الماوردي والثاني أن ذلك بالشاهد واليمين ويخرج من نص الشافعي في الأم رأي ثالث أن ذلك بالمجموع.

<<  <  ج: ص:  >  >>