للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن المُدَّعِي في مَسْأَلَةِ الاسْتِيلاَدِ قال لصاحب اليد: اسْتَوْلَدْتُهَا في مِلْكِكَ، ثم اشْتريتها مع الولد، فعُتِق الوَلَدُ عَلَيَّ، وأقام عليه حُجَّةً نَاقِصَةً، فالعِتْقُ الآن تَرَتَّبَ على المِلْكِ الذي قامت به الحُجَّةُ الناقصة، فتكون على الطريقتين؛ كذلك حُكِيَ عن القَفَّالِ، هذا كلام الأصحاب على طَبَقَاتِهِمْ -رحمهم الله [وإيانا] (١) - في الصورتين.

والأَشْبَهُ في مسألة الاسْتِيلاَدِ، وبه أجاب الروياني في "الحلية"، أن الوَلَدَ لا يُنْتَزَعُ، والأظهر في صورة العَبْدِ، أنه يُنْتَزَعُ، ويُحْكَمُ بأنه عتيق بإقراره، وبه أجاب صاحب "التهذيب"، والروياني، وانْحَازَ الإِمَامُ، وصاحب الكتاب، عن الأصحاب. فحكيا أن اختيار المُزَنِيِّ، أن حُرِّيَّةَ الولد لا تَثْبُتُ، ولا تُقْبَلُ هذه الحُجّة في حق الولد، وأن النَّصَّ الذي نقله في مسألة العَبْدِ، أن المدعى لا يثبت، ويقر العبد في يد المدعى عليه، وأنه رَجّح، وقال: إذا لم يَثْبُتِ العِتْقُ هناك مع أن قصر دَعْوَاهُ وحجَّته ترتبه على المِلْكِ، وتَوَاردُهُمَا على شخص واحد، فلأِنْ لا تَثْبُتَ في الولد، وهو شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بقيام الحُجَّةِ على المِلْكِ في الأم، كان أَوْلَى، ثم نَقَلاَ عن الأصحاب طريقين:

أحدهما: طَرْدُ القولين في مسألة العَبْدِ.

ثانيهما: القَطْعُ بأنه لا يثبت المُدَّعي، ولا يُنْتَزَعُ العَبْدُ، ولا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ؛ لأن صورة الاسْتِيلاَدِ الحُجّةُ صَالِحَةٌ للاسْتِيلاَدِ، والاسْتِيلاَدُ يَقْتَضِي وَلَداً، وفي العتق لا متَشَبِّثَ تَتَعَلَّقُ بها الحُجَّةُ، وهذا كله مُحَالٌ عن وجهه فان شئت (٢) فراجع "المختصر" تتيقَّن أن الأمْرَ على ما حَكَيْنَا.

وأَعْلِمْ قوله في الكتاب: "فلا يكفيه شاهد" بالواو.

واعْلَمْ أن الأَظْهَرَ عند الأَصْحَاب أنه يَكْفِي شاهد وَيمِينٌ، لثبوت المِلْكِ السابق، ثم يَتَرَتَّبُ عليه الحُرِّيَّةُ بإقراره.

ويجوز أن يُعَلَّمَ قوله: "على أَقيَس القولين" بالواو؛ لأن أبا الفَرَجِ حَكَى طَرِيقَةً قَاطِعَةً بثبوت النَّسَبِ والحرية. وتأثير هذه الحجة في الولد، وهي غَرِيبَةٌ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فُرُوعٌ: الأَوَّلُ إِذَا حَلَفَ الوَرَثَةُ مَعَ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى دَيْنٍ لِلمُوَرِّثِ اسْتَحَقُّوا، فَإِنْ حَلَفَ وَاحدٌ اسْتَحَقَّ الحالِفُ نَصِيبَهُ دَونَ النَاكِلِ، ولَيْسَ لِولدِ الناكِلِ بعد مَوْتِهِ أَنْ يَحْلِفَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ فلِوَلَدِهِ أنْ يَحْلِفَ، وَفِي وُجُوبِ إِعَادَةِ الشَّهَادَةِ وَجْهَانِ، وَلَوْ نَكَلَ الوَارِث وَللْمَيِّتِ غَرِيمٌ فَهَلْ يَحْلِفُ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَلَوْ كَانَ فِيهمْ غَائِبٌ


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>