للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني -وقد نقله المسعودي عن القديم-: أنه ما كان من صلاة النهار يقضى ما لم تغرب الشمس، وما كان من صلاة الليل يقضى ما لم يطلع الفجر، فعلى هذا تقضى ركعتا الفجر ما دام النَّهَار باقياً. وقوله في الكتاب: (وركعتا الصبح بعد فرض الصبح أداء وليس بقضاء)، قصد به بيان أن تأخير ركعتي الصبح إلى ما بعد الفريضة لا يوجب فواتهما [فلا يجري] (١) فيه الخلاف المذكور في القضاء، وتقديمها مستحب لا مستحق، وقد يؤمر بالتأخير بسبب يعرض كمن دخل المسجد والإمام يصلي الصبح، فينبغي أن يقتدي به، ثم بعد الفراغ [يشتغل بركعتي السُّنَّة.

وعن أبي حنيفة أنه لو علم أنه يدرك ركعة من الفريضة بعد الفراغ] (٢) من السُّنَّةِ تُقَدَّمُ السُّنَّةُ.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلاَ صَلاةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ" (٣) ثم في معنى ركعتي الصبح سائر التَّوابع المقدمة على الفرائض، وذكرهما جرى على سبيل ضرب المثال، وأراد بقوله: (بعد فرض الصبح) ما لم تطلع الشمس، وقد حكينا من قبل وجهاً أن وقتها يمتد إلى الزوال لكنه ما أراد بذلك، فإن المذهب الظاهر خلافه (٤).


(١) سقط من "ب".
(٢) سقط من "ب".
(٣) أخرجه مسلم من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- (٧١٠).
(٤) قال النووي: يستحب عندنا فعل الرواتب، في السفر كالحضر، والسنة أن يضطجع بعد سنة الفجر قبل الفريضة، فإن لم يفعل، فصل بينهما، الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى سنة الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة" رواه البخاري. والسنة: أن يخفف السورة فيهما. ففي "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية، [سورة البقرة، الآية ١٣٦]، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} [سورة آل عمران، الآية ٦٤]. وفي رواية أنه قرأ في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فكلاهما سنة، ونص في البويطي على الثانية في سنة المغرب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وكذا في ركعتي الاستخارة وتحية المسجد وتطوع الليل أفضل من تطوع النهار، فإن أراد أحد نصف الليل، فالنصف الثاني أفضل وإن أراد أحد ثلاثة فالأوسط، وأفضل منه السدس الرابع والخامس. ثبت ذلك في الصحيحين ويكره قيام الليل كله دائماً، ويبغي أن لا يخل بصلاة في الليل وإن قلت والنقل في البيت أفضل من المسجد كما قدمناه. ويستحب لمن قام لتهجد أن يوقظ له من يطمع بتهجده إذا لم يخف ضرراً ويستحب المحافظة على الركعتين في المسجد إذا قدم من سفر للأحاديث الصحيحة في كل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>