للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خزيمة (١) من أصحابنا، وفي بعض التعاليق أن أبا سليمان الخطابي (٢) ذكر أنه قول للشافعي -رضي الله عنه-.

لنا: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وأيضاً روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "صَلاَةُ الرَّجُلِ مَعَ الْوَاحِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الْوَاحِدِ، وَحَيْثُمَا كَثُرَتِ الْجَمَاعَةُ فَهُوَ أَفْضَلُ" (٣).

والاستدلال أنه لا يحسن أن يقال: الإتيان بالواجب أفضل من تركه، وتفضيل أحد الفعلين على الآخر يشعر بتجويزهما جميعاً، وهل هي فرض كفاية أم سنة؟ وجهان:

أظهرهما: عند المصنف، وصاحب "التهذيب": أنها سُّنة؛ لأن الجماعة خصلة مشروعة في الصَّلاة، لا تبطل الصلاة بتركها، فلا تكون مفروضة كسائر السنن المشروعة في الصلاة، وفي ما سبق من الأخبار ما يشعر بأن سبيلها سبيلْ الفضائل، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، والثاني وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق إنها فرض كفاية، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الْجَمَاعَةَ إِلاَّ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ" (٤): وذكر المحاملي وجماعة أن هذا ظاهر المذهب، فإن قلنا: إنها فرض على الكفاية، فلو امتنع أهل بلدة، أو قرية عن إقامتها، قاتلهم الإمام عليها ولا يسقط الحرج، إلا إذا


(١) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، الملق بإمام الأئمة، تفقه على الربيع والمزني، وصار إمام زمانه بخراسان. رحلت إليه الطلبة من الآفاق. قال شيخه الربيع: استفدنا من ابن خزيمة أكثر ما استفاد منا، وكان متقللاً، له قميص واحد دائماً، فإذا جدد آخر وهب ما كان عليه. ولد في صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وتوفي في ثاني ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلثمائة، قاله الذهبي في "العبرة" وغيره. طبقات الشيرازي ص ١٥٠، طبقات العبادي ص ٤٤٥.
(٢) أبو سليمان حَمْد بفتح الحاء، وسكون الميم، بن محمد بن إبراهيم بن خطاب، البستي، المعروف بالخطابي. وإن فقيهاً، رأساً في علم العربية والأدب، وغير ذلك، أخذ الفقه عن القفال الشاشي، وابن أبي هريرة وغيرهما. وصنف التصانيف النافعة المشهورة، توفي ببلدة بُست سنة ثمان وثمانين وثلثمائة. قاله النووي في "طبقاته" وزاد غيره في ربيع الآخر. وبُست: بباه موحدة مضمومة، ثم سين مهملة ساكنة، بعدها تاء مثناة. والخطابي نسبة إلى جده المذكور، وقيل: إنه كان من ذرية زيد بن الخطاب، أخي عمر -رضي الله عنه-. طبقات العبادي ص ٩٤، وفيات الأعيان (٢/ ٢١٤)، العبر (٣/ ٣٩).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ١٤٠ - ١٤١) وأبو داود (٥٥٤) والنسائي (٢/ ١٠٤ - ١٠٥) وابن حبان (٢٠٤٧، ٢٠٤٨) والحاكم في المستدرك (١/ ٢٤٧ - ٢٥٠) وصححه يحيى بن سفيان وابن المديني، والذهلي، والعقيلي.
(٤) أخرجه أبو داود (٥٤٧) وأحمد (٥/ ١٩٦) والنسائي (٢/ ١٠٦ - ١٠٧) وابن حبان (٢٠٩٢) والحاكم في المستدرك (١/ ٢٤٦) وقال: صحيح الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>