للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقاموها، بحيث يظهر هذا الشعار فيما بينهم ففي القرية الصغيرة يكفي إقامتها في موضع واحد، وفي القرى الكبيرة والبلاد تقام في محلها، ولو أطبقوا على إقامة الجماعة في البيوت، فعن أبي إسحاق المروزي: أنه لا يسقط الفرض بذلك، لأن الشعار في البلد لا يظهر به، ونازعه فيه بعضهم، إذا ظهر ذلك في الأصوات وأما إذا قلنا: إنها سنة، فهل يقاتلون على تركها؟ فيه وجهان كما ذكرناهما في الأذان:

وأصحهما: لا (١) وكل ما ذكرناه في حق الرجال.

أما النساء فلا تفرض عليهن الجماعة، لا فرض عين ولا فرض كفاية، وتستحب لهن ولكن فيه وجهان ذكرهما القاضي الروياني:

أحدهما: أن [استحبابها لهن] (٢) كاستحبابها للرجال؛ لعموم الأخبار.

وأظهرهما -الذي ذكره المعظم-: أنه لا يتأكد تأكده في حق الرجال فلا يكره لهن تركها ويكره للرجال ذلك.

وقال أَبُو حَنِيفَةَ ومالك: يكره لهن أن يصلين جماعة، وبه قال أَحْمَدُ في رواية، والأصح عنه مثل مذهبنا. لنا ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَرَ أُمَّ وَرَقَةٍ أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا" (٣) ثم إذا صلين جماعة، فالمستحب أن تقف التي تَؤَمُّهُنَّ وسطهن، كَذَلِكَ فَعَلَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وَأُمُّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- لَمَّا أمَّتَا" (٤).

وجماعتهن في البيوت أفضل، فإن أردن حضور المسجد في جماعة الرجال كره ذلك للشَّوَابّ لخوف الفتنة ولم يكره للعَجَائِزِ، روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى النِّسَاءَ عَنِ الْخُرُوجِ


(١) قال في زياداته: قول أبي إسحاق أصح، لو أقام الجماعة طائفة يسيرة من أهل البلد، وأظهروها في كل البلد، ولم يحضرها جمهور المقيمين بالبلد حصلت الجماعة، ولا إثم على المتخلفين، كما إذا صلى على الجنازة طائفة يسيرة، وأما أهل البوادي فقال إمام الحرمين: عندي فيهم نظر، فيجوز أن يقال: لا يتعرضون لهذا الغرض، ويجوز أن يقال: يتعرضون له إذا كانوا ساكنين. قال: ولا شك أن المسافرين لا يتعرضون لهذا الغرض، وكذا إذا قل عدد ساكني قرية، هذا كلام الإمام، والمختار أن أهل البوادي الساكنين كأهل القرية، للحديث الصحيح ما من ثلاثة في قرية أو بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان. الروضة (١/ ٤٤٤).
(٢) سقط في "ب".
(٣) أخرجه أبو داود (٥٩١ - ٥٩٢) والدارقطني (١/ ٤٠٣) والحاكم في المستدرك (١/ ٢٠٣) والبيهقي (٣/ ١٣٠) وقال الحاكم: قد احتج مسلم بالوليد بن جميع، وهذه سنة غريبة، لا أعرف في الباب حديثاً مسنداً غيره.
(٤) أما أثر عائشة -رضي الله عنها- أخرجه الدارقطني (١/ ٢٠٤) والبيهقي (٣/ ١٣١) وأثر أم سلمة -رضي الله عنها- أخرجه الشافعي (٣٧٩) والدارقطني (١/ ٤٠٥) والبيهقي (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>