للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ إِلاَّ عَجُوزاً فِي مَنْقَلِهَا" والمنقل الخف (١).

وإمامة الرجال لهن أولى من إمامة النساء، لكن لا يجوز أن يخلو بهن من غير ذي محرم (٢) ثم لو صَلَّى الرجل في بيته برقيقه أو زوجته وولده نال أصل فضيلة الجماعة، لكنها في المسجد أفضل؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ".

وحيث كان الجمع أكثر من المساجد فالفضل أكثر لما سبق، فلو كان بالقرب منه مسجد قليل الجمع وبالبعد مسجد كثير الجمع، فالأفضل أن يذهب إلى المسجد البعيد إلا في حالتين:

أحدهما: أن تتعطل الجماعة في المسجد القريب بعدوله عنه إما لكونه إماماً، أو لأن الناس يحضرون بحضوره، فإقامة الجماعة في المسجد القريب أفضل.

الثانية: أن يكون إمام المسجد البعيد مبتدعاً كالمعتزلي وغيره (٣)، وإمام المسجد القريب بريئاً عن البدعة، فالصلاة في المسجد القريب أولى. قال الْمُحَامِلِيُّ وغيره: وكذا لو كان إمام المسجد البعيد (٤) حنفياً، لأنه لا يعتقد وجوب بعض الأركان، بل


(١) غريب وفي سنن البيهقي (٣/ ٣١) عن ابن مسعود: رضي الله عنه- أنه قال: والله الذي لا إله غيره، ما صلت امرأة صلاة أفضل من صلاة في بيتها، إلا مسجد مكة والمدينة، إلا عجوز في منقلها. وانظر التلخيص (٢/ ٢٧).
(٢) قال النووي: الخلاف في كون الجماعة فرض كفاية أم عين أم سنة، هو في المكتوبات المؤديات، أما المنذورة فلا يشرع فيها الجماعة، وقد ذكره الرافعي في أثناء كلامه في باب الآذان، في مسألة لا يؤذن لمنذوره، وأما المقضية فليست الجماعة فيها فرض عين ولا كفاية قطعاً، ولكنها سنة قطعاً، وفي الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه الصبح جماعة حين فاتتهم بالوادي، وأما القضاء خلف الأداء وعكسه؛ فجائز عندنا كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- لكن الأولى الانفراد للخروج من خلاف العلماء، وأما النوافل فقد سبق في باب صلاة التطوع ما يشرع فيها الجماعة وما لا يشرع، وبعض قولهم لا يشرع لا تستحب، فلو صلى هذا النوع جماعة، جاز ولا يقال مكروه، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على ذلك. الروضة (١/ ٤٤٥).
(٣) وهو المنسوب إلى طائفة المعتزلة، أصحاب واصل بن عطاء وعمر بن عبيد.
(٤) هذا التعليل يقتضي طرد الحكم في المالكي وغيره من المخالفين وصرح به في شرح المهذب وبان الفاسق كالمبتدع لأنه يكره إمامته وادعى في الكفاية الاتفاق على استثناء المبتدع والحنض وسواء في المسجد الكبير البعيد والقريب. وقيل: مسجد الجواز مع قلة الجماعة أولى وقال البغوي: يصلي فيه ثم يلحق الأكثر جماعة ليحرز الفضيلتين. وقال في التنبيه: وإن كان في جواره مسجد ليس فيه جماعة فإن فعلها من مسجد الجوار أفضل لكن قال في شرحه لا خلاف أن الذهاب لمسجد الجماعة أولى بل الجماعة في بيته أولى من الانفراد في المسجد واستثنى الأستاذ ما لو كان أحد الإمامين أولى بالإمامة فالحضور عنده أولى وهو أولى من الانفراد وما سبق =

<<  <  ج: ص:  >  >>