للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن ثَلَّثْنَا، فعليه ثُلُثُ الغُرْمِ، سدس لهذه، وسدس لهذه، وإن كان الرَّاجِعُ من الآخرين، فإن نَصَّفْنَا، فعليه ثُمُنُ الغُرْمِ. وإن ثَلَّثْنَا فالسُّدُسُ.

ولو شهد ثَمَانِيَةٌ بالزنا والإحصان، ثم رجع أحدهم، فلا غُرْمَ على الأَصَحِّ؛ لبقاء الحُجَّتَيْنِ. وكذا لو رجع ثَانٍ، وثالث، ورابع، وإن رجع خامس؛ فقد بَطَلَتْ حُجَّةُ الزِّنَا، ولم تبطل حُجَّةُ الإحصان، فإن لم يُغَرَّمْ شهود الإِحْصَانِ، فعلى الخَمْسَةِ رُبُعُ الغُرْمِ؛ لبطلان ربع الحجة، وإن غَرَّمْنَاهُمْ فلا غُرْمَ هاهنا، لِشَهَادَةِ الإحْصَانِ على الأصح؛ لبقَاء حُجَّتِهِ. ويُغَرَّمُ الراجعون، رُبُعَ غُرْمِ الزنا، والسدس، إن ثَلَّثْنَا وَالثمن، إن نَصَّفْنَا.

وإن رجع ستة، فعليهم نِصْفُ غُرْمِ الزنا، وهو الثلث إن ثَلَّثْنَا، والربع إن نَصَّفْنَا، وإن رجع سَبْعَةٌ، فقد بَطَلَتِ الحُجَّتَانِ، ولا يخفى قِيَاسُهُ مما ذكرنا. وقوله في الكتاب: "اجتمع في الأصول أقوال لا تَخْفَى" أحد الأصول المشار إليها، أن شُهُودَ الإِحْصَانِ، هل يُغَرَّمُونَ؟

والثاني: أنهم إن غرموا، كم يُغَرَّمُونَ؟

والثالث: أنه إذا رجع بَعْضُ الشهود، وبقي من تَقُومُ به الحُجَّةُ، هل يُغَرَّمُ مَنْ رجع؟ وقد عرفت هذه الأُصُولَ والأَقْوَالَ الحَاصِلَةَ منها. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الطَّرَفُ الثَّالِثُ: الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالٍ يُتَوَقَّع رُجُوعُهُ بِإقْرَارِ الخَصْمِ هَلْ يُوجِبُ الغُرْمَ فِي الحَالِ لِلْحَيلُولَةِ؟ فيه قَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تقدم أن المَشْهُودَ به؛ إما أن يَتعَذَّرَ تَدَارُكهُ، أَوْ لا يَتَعَذَّرَ. وقد فَرَغْنَا من القَوْلِ فيما يتعذَّرُ تَدَارُكهُ.

والقسم الثاني: ما لا يَتَعَذَّرُ؛ وهي الأَمْوَالُ، أَعْيَانُهَا، ودُيُونُهَا، وإذا شهد الشُّهُودُ لإنسان (١) بمال، ثم رجعوا بعد دَفْعِ المال إليه، لم يُنْقَضِ الحُكْمُ، ويُرَدُّ المَالُ إلى المُدَّعَى عليه، لاحتمال أنهم كَاذِبُونَ في الرُّجُوعِ.

وفي "العدة" حكاية وَجْهٍ: أنه يُنْقَضُ الحُكْمُ، ويُرَدُّ المال إلى المَحْكُومِ عليه، والمذهب الأول، وهل يُغَرَّمُ الشُّهُودُ للمحكوم عليه؟

نقل المزني: أنهم لا يُغَرَّمُونَ، وقد قَطَعَ به من الأَصْحَاب طَائِفَةٌ؛ منهم: ابن خَيْرَانَ، وتوجها بأن الشُّهُودَ لم يثبتوا (٢) اليَدَ على المال، ولم يَتَلَقَّوْهُ، فلا يضمنون.

وإن أَتَوْا بما يُفْضِي إلى الفَوَاتِ، كمن حَبَسَ المالك (٣) عن مَاشِيَتِهِ حتى ضَاعَتْ،


(١) في أ: لفلان.
(٢) في ز: يتبينوا.
(٣) في أ: المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>