للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسببه ما تقدم ومسألة اختلاف الزَّوْجَيْنِ، قد سبق حكمها (١) في النِّكَاحِ. وإنما أَعَادَهَا ليُبَيِّنَ أن الخِلاَفَ فيها مَبْنِيٌّ على الأَصْلِ المَذْكُورِ. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: ثُمَّ حَدُّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً مُلْزِمَةً، فَلَوْ قَالَ: عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ يُسْمَعْ، وَلَوْ قَالَ وَهَبَ مِنِّي أَوْ بَاعَ لَمْ يُسْمَعْ حَتَّى يَقُولَ وَيَلْزَمُةُ التَّسْلِيمٌ إِلَيَّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لما تَكَلم في الدَّعْوَى نَفْسِهَا، أَرْدفَهُ بالكَلاَمِ في شرط صِحَّتِهَا، وهي أن تكون مَسْمُوعَةً، مُحْوِجَةً إلى الجواب. فاعتبر في صِحَّتِهَا وَصْفَيْنِ:

أحدهما: العِلْمُ بالمُدَّعَى، والأَصْلُ اعْتِبَارُ العلم به، كَاعْتِبَارِ العلم بالمَشْهُودِ به، والمَعْقُودِ عليه بالبيع وغيره، وهذا لأن المَقْصُودَ فَصْلُ الأَمْرِ واتصال الحَقِّ إلى المُستَحِقِّ، وذلك يَسْتدْعِي العِلْمَ.

فإن كانت الدَّعْوَى في الأَثْمَانِ، فَلاَ بُدَّ من ذكر الجِنْسِ، والنوع، والقَدْرِ. قال في "الشامل": وإن اختلف الصِّحَاحُ والمُكَسَّرَةُ بين أنها صِحَاحٌ، أو مُكَسَّرَةٌ، ومُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلى الدينار الشَّرْعِيِّ، فلا حاجة إلى بَيَانِ الوَزْنِ، ذكره الشيخ أبو حَامِدٍ.

وإن كانت في غير الأثْمَانِ، نظر: إن كان يَدَّعِي عَيْباً، وهي مما تُضْبَطُ بالصفة؛ كالحُبُوبِ، والحَيَوانِ، والنَّبَاتِ، فيصفها بصفات السَّلَمِ، ولا حَاجَةَ إلى ذِكْرِ القِيمَةِ على الأَصَحِّ، وإن كانت العَيْنُ تَالِفَةً، كَفَى الضَّبْطُ بالصفات، إن كانت مِثْلِيَّةً، ولا حَاجَةَ إلى ذِكْرِ القِيمَةِ، دمان كانت مُتَقَوِّمَةً، فَلاَ بُدَّ من ذِكْرِ القِيمَةِ؛ لأنها الوَاجِبَةُ عند التَّلَفِ.

وإن ادَّعَى عليه شَيْئاً مُحَلى، قال في "الشامل": لا بدَّ مِنْ ذِكْرِ القِيمَةِ، ويُقَوَمُهُ، بِالذَّهَب، إن كان مُحلَّى بالفِضَّةِ، وبالفِضَّةِ إن كان مُحَلَّى بالذَّهَبِ، وان كان مُحَلَّى، بهما (٢) قومه بأحدهما للضَّرُورَةِ (٣).

وفي الدَّرَاهِمِ والدَّنَانِيرِ المَغْشُوشَةِ يدعى عشرة دَرَاهِمَ من نَقْدِ كذا، قيمتها كذا ديناراً، أو دِينَاراً من نَقْدِ كذا، قيمته كذا دِرْهَماً ذكره الشيخ أَبُو حَامِدٍ وغيره، وكأنه جَوَابٌ على أن الدَّرَاهِمَ والدَّنَانِيرَ المَغْشُوشَةَ مُتَقَوِّمَةً، فإن جعلناها مِثْلِيَّةً، فينبغي ألا يشترط التَّعَرُّض (٤) لقيمتها.


(١) في ز: حلها.
(٢) في ز: فهما.
(٣) المراد بقوله: "قومه بأحدهما"، يعني بأيهما شاء، وما ذكره من الضرورة مدفوع بأنه يمكن تقويم السيف بما فيه من أحد النقدين بالنقد الآخر، ويقوم النقد الذي لم يضفه إلى تقويم السيف بالنقد المضاف مع سيف، ثم إن سلم ما قالوه فإنما يظهر عند التفاوت في المقدار، أما لو غلب أحدهما فينبغي أن يقوم بالنقد الآخر.
(٤) في ز: العرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>