للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: يمكن أن يعكس ما ذكروه من البناء ويُقَال: إن قلنا: إن المُدَّعِي من تُرِكَ وسكوته، والمُدَّعِي في مسألة اختلاف الزوجين، إنما هو الزَّوْجُ. لأن النكاح حقه، فلو تركها ولم يطالبها، تُرِك، وهي لا تُترَك لو سكتت، وأعرضت، فإن (١) قلنا: إن المدعي: من يخالف الظَّاهِر، فهي المدعية؛ لأنها تزعُمُ ارْتفَاعَ النِّكَاحِ، والظاهر دَوَامُهُ.

والثانية: ما المعنى بالظَّاهِرِ في قولنا: إن المُدَّعِي من يُخَالِفُ الظاهر أيعني به مُطْلَقَ ما يَدُلُّ عليه دَلِيلٌ؟ أم يعني الظَّنَّ الأَرْجَحَ والأَغْلَبَ؟ استصحاب (٢) ما كان من وُجُودٍ، أو عدم؟ إن عَنَيْنَا الأَوَّلَ، لَزِمَ أن يكون كُلُّ واحد من المُتَدَاعِيَيْنِ أبداً؛ لأن دليلاً ما يَدُلُّ على صِدْقِ هذا، وآخر يَدُلُّ على (٣) بَرَاءَةِ هذا. وإن عَنَيْنَا الظَّنَّ الأغلب والأرجح، فهذا يختلف بالأَشْخَاصِ، والأَحْوَالِ، والقرائن الوَاقِعَةِ في الحَادِثَةِ. فَتَارَةً؛ يغلب على الظَّنِّ صِدْقُ الطالب، وأخرى صِدْقُ المنكر. وإن عَنَيْنَا استصحاب ما كان فلم تجعل المَرْأَةُ مُدَّعى عليها: إذا قلنا: إن المدعى عليه، من يُوافِقُ الظَّاهِرَ، وهي لا تستصحب شيئاً، بل ينزل (٤) اسْتِصْحَابُ الأصل الذي كان.

والثالثة: لا شَكَّ أن التَّنَازُعَ في كيفية الإِسْلاَمِ ليس مُعَيّناً لِعَيْنِهِ، وإنما الزَّوْجُ يبغي اسْتِدَامَةَ النِّكَاحِ، وهي تَزْعُمُ ارْتِفَاعَهُ، فيشبه أن يقال: كُلُّ واحد منهما مُدَّعٍ بشيء.

فأما الزوج: فإنه في اسْتِدَامَةِ النكاح، وطَلَبِ طَاعَتِهَا، كَطَالَبِ مَالٍ من غيره.

وأما هي: فَدَافِعَةٌ كمن يقول: إنك أَبْرَأْتَنِي، أو إني أَدَّيْتُهُ.

فإن قلنا: يَحْلِفُ الزَّوْجُ فهي على قِيَاسِ دَعْوَى الدوافع.

وقد ذُكر في "التهذيب": أنه الأصح.

وإن قلنا: تحلف المَرْأَةُ، فيشبه تَقَوِّي جانِبِهَا بظَاهِرِ الحال، وان كانت مُدَّعِيَةً؛ كما يحلف المُودِعُ على الرد والهَلاَكِ. وان كان مُدّعياً للمعنى الذي سَبَقَ، وهذا طريق يغني عن تَخْرِيجِ القَوْلَيْنِ على الأصْلِ المذكور.

واعْلَمْ أن المُرَادَ من قولهم: إن المُدَّعَى عليه: من يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، أو من يَدَّعِي أَمْرًا جَلِيّاً، أنه لو أنكر ونَازَعَ الطَّالِب، كان كذلك. لأنه (٥) يَتَوَقَّفُ كونه مُدَّعى عليه، على أن ينكر، ويُنَازع.

وقوله في الكتاب في حق المودع؛ "يصدق بيمينه للحاجة" وفي بعض النسخ: "للرخصة" معناه: أنه يُسْتَثْنَى من قولنا: إن المُدَّعِي يحتاج إلى البَيِّنَةِ، فإنه مُدَّعٍ للرد،


(١) في ز: واعترضت وإن.
(٢) في ز: استحباب.
(٣) سقط في: ز.
(٤) في ز: تترك.
(٥) ز: ل أنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>