للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ادَّعَى أنه بَاعَهَا منه، يَكْفِيهِ أن يَحْلِفَ أنه لم يبعها، على القِيَاسِ الذي تَمَهَّدَ في الفصل.

وقوله في الكتاب: "فَأقَرَّ أنه نَكَحَ لا بالخمسين، التقييد بإقراره بالنكاح، كالمُسْتَغْنَى عنه، فإن المَرْأَةَ إنما تَدَّعِي، وتطلب الصَّدَاقَ، وذلك فيما يرجع إلى الحَلِفِ، والتَّحْلِيفِ، ولا يختلف بين أن يُقِرَّ بالنِّكَاحِ، أو لا يقر.

وقوله: "فلا يُمْكِنُهَا الحَلِفُ على ما دُونَ الخمسين". أي: على النِّكَاحِ بما دُونَ الخمسين، فإن اسْتَأنَفَتْ وادَّعَتْ عليه بَعْضَ الخمسين الذي جَرَى النِّكَاحُ عليه، فيما زَعَمَتْ، ونَكَلَ، وجب أن يَجُوزَ لها الحَلِفُ عليه والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ: مَزَّقْتَ ثَوْبِي وَلِي عَلَيْكَ الأَرْشُ فَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: لاَ يَلْزَمُنِي الأَرْشُ وَلاَ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلتَّمْزِيقِ، وَكَذَا إذا ادَّعَى مِلْكاً أَوْ دَيْناً فَيَكْفِي أنْ يَقُولَ: لاَ يَلْزَمُنِي التَّسْلِيمُ، فَإِنْ كَانَ المِلْكُ فِي يَدِهِ بِإجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ وَخَافَ إِنْ أَقَرَّ أنْ يُطَالَبَ بِالبَيَّنَةِ فَقَد قِيلَ: القَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ اليَدَ تُصَدِّقُهُ فِي الرَّهْنِ وَالإِجَارَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: القَوْلُ قَوْلُ المَالِكِ فَحِيلَتُهُ أنْ يُفَصِّلَ الجَوَابَ وَيَقُولَ: إِنِ ادَّعَيْتُ مِلْكاً مُطْلَقًا فَلاَ يَلْزمُنِي التَّسْلِيمُ، وَإِنِ ادَّعَيْتُ مَرْهُونَاً عِنْدِي فَحَتَّى أُجِيبَ، وَقِيلَ: هَذَا لاَ يُسْمَعُ مُرَدَّدَاً وَلَكِنَّ حِيلَتَهُ أَنْ يُنكِر مِلْكَهُ إِنْ أَنْكَرَ هُوَ دَيْنَهُ وَيَلْتَفِتَ إِلَى الظَّفَرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ادَّعَى مَالاً، وأَسْنَدَهُ إلى جِهَةٍ؛ بأن قال: أَقْرَضْتُ مِنْكَ كذا، وطَالَبَهُ بِبَدَلِهِ، أو قال: غَصَبْتَ عَبْدِي، وتَلِفَ عِنْدَكَ، فعليك [كذا, ضماناً] (١). أو قال: مَزَّقْتَ ثَوْبِي، فعليك كذا أَرْشاً، أو اشتريت منك كذا، وأَقْبَضْتُكَ ثمنه، فعليك تَسْلِيمُهُ، أو اشْتَرَيْتَ مِنِّي كذا، فعليك ثَمَنُهُ، وطالبه بالمُدَّعَى، فليس على المُدَّعَى عليه أن يَتَعَرَّضَ في الجواب لتلك الجِهَةِ، بل يَكْفِيهِ أن يقول: لا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئاً, ولا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شيء إليك، وكذا يَكْفِيهِ في جَوَاب طَالِبِ الشُّفْعَةِ: لا شُفْعَةَ لك عندي، أَوْ لا يَلْزَمُنِي تسليم هذا الشِّقْصِ إليك وذلكَ لأن المُدَّعِي قد يكون صَادِقاً في الإِقْرَاضِ، والغَصْبِ، والشِّرَاءِ، والبيع. وتعرض ما يُسْقِطُ الحقَّ من أَدَاءٍ، أَوْ إِبْراءٍ، أو هِبَةٍ، فلو نفى الإِقْرَاض، وما في معناه، كان كَاذِباً. ولو اعترف، طُولب بإقامة البَيِّنَةِ على ما يَزْعُمُ عُرُوضَهُ، فقد لا يساعده، فَاقْتَضَتِ الحَاجَةُ قَبُولَ الجَوَابِ المُطْلَقِ (٢).


(١) سقط في: أ.
(٢) ما جزم به من الاكتفاء بالجواز المطلق قد أشار إلى خلاف فيه في الباب الرابع من كتاب الرَّهْن فيما إذا ادعى المرتهن الأرض أن ما بها من شجر رهن مع الأرض، فأنكر الراهن وجود الشجر حالة الرَّهْن كفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>