للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا، إذا قالت المَرْأَةُ: طَلَّقْتَنِي. فقال: أنتِ زَوْجَتِي. كَفَاهُ هذا الجَوَابُ. وإذا اقْتَصَرَ المدعى عليه على الجواب المُطْلَقِ؛ فَأَفْضَى الأَمْرُ إلى الحَلِفِ، حلف على ما أجاب، ولم يُكَلَّف التَّعَرُّض في نَفْي الجِهَةِ المُدَّعَاةِ.

ولو حَلَفَ على نَفْي الجهة اَلمُدَّعَاةِ بعد الجواب المُطْلَقِ؛ جاز. قاله في "التهذيب".

ولو تَعَرَّضَ في الجواب للجهة المُدَّعَاةِ، فقال: ما بعت، أو ما أَقْبَضْتَنِي، أو ما مَزَّقت. فالجواب صَحِيحٌ أيضاً، ثم إن حَلَفَ على وَفْقِ الجواب، فذاك، وان أَرَادَ أن يَقْتَصِرَ في الحَلِفِ، على أنه لا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فيمكن، كما لو أجاب في الابْتِدَاءِ كذلك، أو لا يمكن، لِتُطابِقُ اليَمِينُ الإِنكارَ؟

فيه وجهان مذكوران في مَسْألَةِ اخْتِلاَفِ المُتَبَايعَيْنِ في قِدَم العَيْب وحُدُوثِهِ في مواضع سواها.

والأَظْهَرُ الثاني، ويُحْكَى عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- وعن أبي حَنِيْفَةَ أيضاً، وعلى قِيَاسِ البَاب، لو كان في يَدِهِ مَرْهُونٌ، أو مُسْتَأْجر، وادَّعَاهُ مَالِكُهُ، فيكفيه في الجَوَابِ أن يقول: لاَ يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ، ولا يجب التَّعُرُّضُ لِلْمِلْكِ، فإن أقام المُدَّعِي بَيِّنَةً عَلى المِلْكِ، نُقِلَ في "الوسيط" عن القاضي: أنه يجب عليه تَسْلِيمُهُ، واعْتُرِضَ عليه، بأنه قد يصدق في الشهود، ولا يجب التَّسْلِيمُ، لإِجَارَةٍ، أو رَهْنٍ، ولو أنه اعترف بالمِلْكِ، وادعى رَهْناً، أو إِجَارَةً، وكَذَّبَهُ المُدَّعِي، فمن المُصَدَّقُ منهما؟ (١)

فيه وجهان، وهما اللذان سَبَقَ ذِكْرُهُمَا في الرَّهْنِ، في باب الاخْتِلاَفِ، فإن صُدَّقَ صَاحِبُ اليد، فذاك، وإن صُدِّقَ المَالِكُ، وهو المذهب، فَمُدَّعِي الرَّهْن، والإِجَارَةِ، يحتاج إلى البَيِّنَةِ (٢)، فإن كانت لا تُسَاعِدُهُ البَيِّنَةُ، وخاف على جُحُود الراهن، لو اعترف


(١) في ز: فيهما.
(٢) قال في الخادم: نازعه في المطلب لأن الاختلاف المذكور في الرَّهْن كما ذكره هو وغيره فيما إذا توافق المالك والمرتهن على صدور الرَّهْن واختلفا في أن الإذن في القبض هل وجد أم لا، وكانت العين في يد المرتهن وبين هذه الصورة، وما نحن فيه فرق ظاهر يعرفه من وقف على المسألة هناك، ولذلك جزم الإِمام في باب الامتناع عن اليمين تبعاً للقاضي والفوراني أنه لو أقر بالملك بالراهن وادعى الرَّهْن لا يصدق، وحكى الخلاف في مسألة الرَّهْن في كتاب الرَّهْن.
قال صاحب الخادم: وهو كما قال والواقع في الرافعي هنا وهم ولا يعرف في المذهب خلاف في تصديق المالك في نفي الرَّهْن أو الإجارة، وإنما الوجهان السابقان فيما إذا اتفقا على الرَّهْن واختلفا في القبض ويقع في بعض النسخ في باب اختلاف المتباعين وما ذكره في الخادم أصله كلام شيخه البلقيني فإنه قال: هذا وهم فلا يعرف في المذهب خلاف في أن المصدق المالك في نفي الرَّهْن والإِجارة. إلى آخر مما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>