للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له [بالمِلْكِ] (١)، فما حِيلَتُهُ؟

فيه وجهان، عن القَفَّالِ: أن حِيلَتَهُ، أن يُفصل الجواب؛ فيقول: إن ادعيت مِلْكاً مُطْلقاً، فلا يَلْزَمُنِي التسليم، إن ادعيت مَرْهُوناً عندي، فحتى أجيب.

وعن القاضي الحُسَيْنِ: أن الجواب، لا يُسْمَعُ مع التَّرَدُّدِ. ولكن حِيلَتَهُ، أن يَجْحَدَ مِلْكَهُ، إن جحد صَاحِبُهُ الدَّيْنَ، والرَّهن، وعلى عكسه، لو ادَّعَى المرتهنُ الدَّيْنَ، وخاف الرَّاهِنُ جُحُودَ الرَّهْن، لو اعترف بالدَّيْنِ، فعلى الوجه الأول، يُفَصَّلُ فيقول: إن ادَّعَيْتَ ألفاً لي عندك به كذا رَهْناً؟ فحتى أُجِيب، وإن ادَّعَيْتَ ألفاً مُطْلقاً فلا يَلْزَمُنِي.

وعلى الثاني: صارت العَيْنُ مَضْمُونَةً عليه بالجُحُودِ، فلمن عليه الدَّيْنُ أن يَجْحَدَ، ويجعل هذا بذاك، ويُشْتَرَطُ التَّسَاوِي.

ونَظمُ الكتاب يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الوجه الأول، وهو الذي أَوْرَدَهُ الفوراني. وذكر أن المُدَّعَى عليه يُفَصِّلُ الجَوَابَ أبَداً، ولا يكون ذلك إِقْرَاراً بشيء، كما إذا ادَّعَى عليه أَلْفاً فقال: إن ادَّعَيْتَ عن ثَمَنِ كذا، فحتى أجيب. وإن ادَّعَيْتَ عن جِهَةٍ أخرى، فلا يَلْزَمُنِي. هذا ما بَلَغَنِي في هذا المَوْضِعِ، ووراءه كَلاَمَانِ:

أحدهما: أنا إذا سَمِعْنَا الجَوَابَ المُرَدَّدَ، كما ذكره الفوراني، لَزِمَنَا أن يَقْنَعَ منه بذلك، ويحوج المُدَّعِي إلى تعيين (٢) أحد القسمين، وحينئذ فإما (٣) أن يُحْوِجَهُ إلى بَيِّنَةٍ، وينص على تلك الجِهَةِ، أو يُكْتَفَى بِبيِّنَةٍ مطلقة، [إن اكتفينا ببَيِّنَةٍ مطلقة] (٤) لم ينتفع المُدَّعَى عليه بالتَّفْصِيلِ، وإحواج المدعى إلى تَعْيينِ أَحَدِ القسمين إن أَحْوَجْنَا إلى بَيِّنَةٍ معينة، تَضَرَّرَ المدعى به؛ لأنه قد ساعده (٥) البَيِّنَة على إِقْرَارِ الخَصْم بألف مُطْلَقٍ، ولا يساعده على الجهَةِ، وقد يَجِدُ شُهُوداً، يَعْرِفُون أنه كان [له] (٦) علَيه أَلْفَانِ بِجِهَتَيْن، وعَرَفُوا أنه أَدَّى ألْفًا عن إِحْدَاهمَا، ولم يعرفوها بِعَيْنِهَا، فيمكنهم أن يَشْهَدُوا بالألف (٧) , ولا يمكنهم تَعْيِينُ الجِهَةِ، وكما اكْتَفَيْنَا بالجواب المُطْلَقِ من المدعى عليه، كيلا يَلْزَمُهُ ما ليس بِلاَزِمٍ، ولو عين [الجهة] (٨) وعجز عن البَيِّنَةِ الدَّافِعَةِ، وجب أن يكتفي بإطلاق المدعى [من جهة المدعى] (٩) ولا يُحْوِجُهُ إلى تَعْيِينِ الجِهَةِ، كيلا يُفَوِّتَ عليه ما هو فَائِتٌ للعجز عن البَيِّنَةِ المعينة.


(١) سقط في: أ
(٢) في ز: تغيير.
(٣) في ز: قلما.
(٤) سقط في: أ.
(٥) في أ: قد لا تساعده.
(٦) سقط في: أ.
(٧) في ز: بألف.
(٨) سقط في: أ.
(٩) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>