للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر العراقيون وغيرهم فيه وجهين:

أحدهما: أنه قَضَاءٌ على الغائب، فيحتاج معه إلى اليَمِينِ.

وثانيهما: أنه قَضَاءٌ على الحاضر، فلا حَاجَةَ إلى اليَمِينِ، وبه قال أبو إِسْحَاقَ، ورَجَّحَ العراقيون والروياني هذا الوَجْهَ، لكن الأول أَقْوَى، وأَلْيَقُ بالوجه المُفَرَّعِ عليه، وهو المَذْكُورُ في الكتاب؛ واخْتِيَارُ الإِمام وهذا كله، فيما إذا لم يُقِمِ المُدَّعَى [عليه] (١) بَيِّنَةً، على أن المَالَ لِلْغَائِب، [فإن أقام عليه بَيِّنَةً، نظر: إن ادَّعَىَ أنه وَكِيلٌ من جِهَةِ الغائب، وأَثْبَتَ الوِكَالَةَ، فَبَيِّنَتُهُ على أن المَالَ لِلْغَائِب] (٢) مَسْمُوعَةٌ، وهي حُجَّةٌ على بَيِّنَةِ المدعى. وإن لم يثبت الوِكَالَةُ، فقد (٣) حَكَى الإِمَامَ فِي سَماع بَيِّنَتِهِ ثلاثة أوجه:

أحدها: وبه قال الشيخ أبو محمد: أنها لا تُسْمَعُ؛ لأنه ليس بِمَالِكٍ، ولا نَائِبٌ عنه، وإِقَامَةُ البينة فُضُولٌ منه. فعلى هذا الحُكْمُ، كما لو لم يُقِمْ بَيِّنَةً.

والثاني: أنها مَسْمُوعَةٌ لدفع التُّهْمَة عنه بالاحتيال (٤) في الإِضَافَةِ إلى الغائب.

والثالث: إن اقْتَصَرَتِ البَيِّنَةُ على أنه لفلان الغَائِبِ، لم تُسْمَعْ، وإن تَعَرَّضَتْ مع ذلك لكونه في يَدِ المُدَّعَى عليه، بعارية، أو غيرها، من الجِهَاتِ، سُمِعَتْ.

وهكذا نقل الوجوه صاحب الكتاب في "الوسيط"، وبنى هاهنا سماع البَيِّنَةِ على أن المُدَّعِي، هل يحلفه؟

إذا قلنا: بانصراف الخُصُومَةِ عنه، لِيُغَرِّمَهُ القِيمَةَ، إن أَقَرَّ له، على ما سنذكره إِثْرَ هذا الفَصْلِ وفيه خلاف. إن قلنا: لا نُغَرِّمُهُ، فلا يحلفه، ولا تُسْمَعُ البَيِّنَةُ، وإن حكمنا بالتَّغْرِيمِ، والتحليف، ففي سَمَاعِ البَيِّنَةِ وجهان:

أظهرهما: على ما ذكره: المنع؛ لأنه ليس بِمَالِكٍ، ولا وَكِيلٍ.

ووجه الثاني: أنه يستفيد بالبَيِّنَةِ صَرْف اليمين عن نَفْسِهِ.

قال الإِمام وصاحب الكتاب: وإذا قلنا: لا تُسْمَعُ البَيِّنَةُ المُقَامَة على أن المَالَ لفلان، فلو ادَّعَى لِنَفْسِهِ فيه حَقاً لازِماً، كَرَهْنٍ، وإِجَارَةٍ، وتعرضت البَيِّنَةُ لذلك أيضاً، ففي السَّمَاعِ وجهان؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ به.

وإذا سمعنا [بَيِّنَتهُ] (٥) تصرف اليَمِين عنه، فنحكم لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ.


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: ففي.
(٤) في ز: بالإحبال
(٥) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>