للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدعوى (١) عليه التَّعَرُّضُ، فيقول: إن مُوَرِّثَكَ غَصَبَ كذا، وأنت تَعْلَمُ أنَّه غَصَبَهُ، ثم إذا تَعَرَّضَ لجميع ذلك، فإن أَنْكَرَ الوَارِثُ الدَّيْنَ، حَلَفَ على نَفْي العِلْمِ، فإن نَكَلَ، حَلَفَ المُدَّعي على البَتِّ، وإن أَنْكَرَ مَوْتَ مَنْ عليه، فثلاثة أوجه:

أحدها: عن ابن القَاصِّ، والشيخ أبي عَاصِمٍ: أنَّه يَحْلِفُ على البَتِّ؛ لأن الظَّاهِرَ اطِّلاَعُهُ عليه.

وأصحُّهما: أنَّه يَحْلِفُ على العِلْم، كما لو أَنْكَرَ غَصْبَهُ وإِتْلاَفهُ، وقد يكون موته في الغَيْبَةِ، فلا يَطَّلِعُ الوَارِثُ عليه.

وثالثها: عن الشيخ أبي زَيْدٍ الفَرْقُ بين من عُهِدَ حاضرًا، أو غائباً، وإن أنكر حُصُولَ التَّرِكَةِ عنده، حَلَفَ على البَتِّ، وإن أَنْكَرَ الدَّيْنَ وحُصُولَ التَّرِكَةِ معاً، وأراد أن يَحْلِفَ على نَفْي التَّرِكَةِ وَحْدَهُ، وأراد المدعي تَحْلِيفَهُ على نَفْي التركة، وعلى نَفي العِلْمِ بالدَّيْنِ معاً، فعنَ ابن القَاصِّ: أنَّه يَحْلِفُ عليهما؛ لأن للمُدَّعِي غَرَضًا في إثْبَاتِ الدَّيْن، وإن لم يكن عند الوَارِثِ شَيْءٌ، فلعله يَظْفَرُ بوديعة، أو دَيْنٍ له على إنسان، وأخذ منه حَقَّهُ.

ولو ادَّعى على رجل، أن عبدك جنى عَلَيَّ بما يُوجِبُ كذا، وأنكر، فوجهان:

أحدهما: وهو المذكور في "الشامل": أنَّه يَحْلِفُ على نَفي العِلْم؛ لأنه حَلِفٌ يَتَعَلَّقُ بفعل الغَيْرِ.

وأصَحُّهُمَا: أنَّه يَحْلِفُ على البَتِّ؛ لأن عَبْدَهُ ماله، وفِعْلَهُ كفعل نَفْسِهِ، ولذلك سمعنا الدَّعْوَى (٢) عليه. وربما بُنِيَ الوَجْهَانِ على أن أَرْشَ الجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَحْضِ الرقبة؟ أم يَتَعَلَّقُ بالرَّقَبَةِ والذِّمَّةِ معاً، حتى يتبع بما فعل بعد العِتْقِ؟ فإن قلنا بالأَوَّلِ، حلف على البَتِّ؛ لأنه يَحْلِفْ ويُخَاصِمُ لنفسه.

وإن قلنا بالثاني (٣) فعلى العِلْمِ؛ لأن لِلْعَبْدِ على هذا ذِمَّةً تَتَعَلَّقُ بها الحُقُوقُ، والرَّقَبَةُ؛ كالمرتهن (٤) بما عليه.


(١) و (٢) في أ: المدعي.
(٣) استثنى الشيخ البلقيني من محل الخلاف صورتين:
إحداهما: إذا كان العبد مجنوناً ضارباً بطبعه كالبهيمة فعلى السيد حفظه، فإن قصر السيد فأتلف هذا الضاري شيئاً فهو كالبهيمة أي فيحلف قطعاً.
الثانية: إذا أمر عبده الذي لا يميز والأعجمي الذي يعتقد وجوب طاعة السيد في كل ما أضر به فالجاني هو السيد ويحلف على البت قطعاً ولا يأتي فيه ما تقدم في البهيمة أي من إشارة الغزالي إلى خلاف لوجود أمره المنزل منزلة قوله. انتهى.
(٤) في ز: كالمرتهنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>