للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْقَضْ، وإن لم يَتَأكَّدْ، فوجهان: ثم اسْتَقَرَّ رَأْيي على أنَّه لا يُنْقَضُ، سواء كان قبل التَّسْلِيمِ، أو بعده.

المسألة الثانية: هل يَحْلِفُ الدَّاخِلُ مع بَيِّنَتِهِ ليُقْضَى له (١) فيه وجهان أو قولان:

أصحهما، ويُحْكَى عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في القديم: أنَّه لا يَحْلِفُ، كما لا يحلف الخَارجُ مع البَيِّنَةِ، وهذا ما حُكِي عن أبي حَنيفَةَ؛ حيث قال: يُقْضَى للداخل.

والثاني: يحلف لاحْتِمَالِ أن الشُّهُودَ شَهِدُوا بظاهر اليَدِ وبنوا (٢) هذا الخِلاَفَ على أن القَضَاءَ للدَّاخِلِ باليَدِ، أم بالبينة المُرَجّحة باليد، أحد المأخذين؛ أن القَضَاءَ باليد؛ لأن البَيِّنَتَيْنِ إذا تَعَارَضَتَا تَسَاقَطَتَا، وصار كأنه لا بَيِّنَةَ، فعلى هذا لا بُدَّ من اليمين.

والثاني: أن القَضَاءَ بالبَيِّنَةِ، وأنها (٣) تَرَجَّحَتْ باليَدِ، كما يَتَرَجَّحُ الدَّلِيلُ في الأحكام الشَّرْعِيَّةِ على مُعَارَضَة. وإنما تسقط البَيِّنَتَانِ إذا تَعَارَضَتَا بلا تَرْجِيحٍ. فعلى هذا لا حَاجَةَ إلى اليمين.

وقوله في الكتاب عَقِيبَ ذِكْرِ الوجهين. "وقيل: إنه لا يَسْتَعْمِلُ بَيِّنَتَهُ إلا في إِسْقَاطِ بَيِّنَةِ الخارج، فيبقى اليَمِينُ عليه، كما كان" يمكن حَمْلُهُ على طريقة جازمة بالتَّحْلِيفِ؛ بِنَاءً على ما ذكر في "الوسيط"؛ أن الأَصْحَابَ -رحمهم الله- اخْتَلَفُوا في أن بَيِّنَتَي الداخل والخارج يَتَهَاتَرَانِ، أو تتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الدَّاخل باليَدِ، وإن قلنا بالأَوَّلِ؛ فلا بد من التَّحْلِيفِ.

وإن قُلْنَا بالثاني، ففي التَّحْلِيفِ وجهان يَقْرُبَانِ من الخلاف في التَّحْلِيفِ.

وإذا قلنا بالقُرْعَةِ وتَرَجَّحَتْ إحدى البَيِّنَتَينِ بها. وإن قدرنا ما (٤) ذكره تَوْجِيهاً لأحد الوَجْهَيْنِ وهو التَّحْلِيفُ، وتعبيراً عن مَأْخَذِ التَّهَاتُرِ، لا طريقة أخرى [فليقرأ] (٥) قبيل بالياء.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَرْعَانِ: الأَوَّلُ: الدَّاخِلُ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ البيِّنةُ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ المُدَّعِي أَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَادَّعَى الإبْرَاءَ، فَإنْ كَانَتِ البَيِّنةُ حَاضِرَةً سُمِعَتْ قَبْلَ إزَالَةَ اليَدِ وَتَوْفِيَةِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً طُولِبَ فِي الوَقْتِ بالتَّسْلِيمِ، ثُمَّ إِذَا أَقَامَ اسْتَرَدَّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أطلق الخَارجُ دَعْوَى المِلْكِ، وأقام عليه البَيِّنَةَ. [وقال الداخل: هو ملكي اشتريته منك، وأقام عليه البينة] (٦) فالداخل أولى؛ لأن مع بينته زَيادَةُ عِلْمٍ؛ وهي الانْتِقَالُ الحَادِثُ، ولأن الدَّاخِلَ مقدم (٧) عند إطْلاَقِهِمَا الدَّعْوَى


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: وسواء.
(٣) في ز: وذاته.
(٤) في ز: بناء.
(٥) سقط في: ز.
(٦) سقط في: ز.
(٧) في ز: يتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>