للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهما: أنها لا تُسْمَعُ أيضاً؛ لأن الأَصْلَ في جانبه اليَمِينُ، فلا معدل (١) عنها ما دَامَتْ يكتفي (٢) بها.

وعن ابن سُرَيْجٍ: أنها تُسْمَعُ؛ ليُسْقِطَ اليَمِينَ عن نَفْسِهِ، كالمُودِع تُسْمَعُ البَيِّنَة منه على الرَّدِّ والتَّلَفِ، وإن كانت يَمِينُهُ كافية.

الثالثة: أن يقيمها بعد أن أَقَامَ الخَارجُ البَيِّنَةَ، ولكن قبل أن يعدل، فإن سمعنا في الحالة الثانية، فهاهنا أَوْلَى. وإلا فوجهان:

أحدهما: لا تُسْمَعُ؛ لأنه مُسْتَغْنٍ عنها بعد.

وأصحهما: أنها تُسْمَعُ، ويُحْكَمُ بها؛ لأن يَدَهُ بعد إِقَامَةِ البَيَّنَةِ مُشْرِفَةٌ على الزوال، فَتَمسُّ الحَاجَةُ إلى تأكيدها، ودَفْعِ الطَّاعِنِ فيها.

الرابعة: إذا أَقَامَهَا بعد بَيِّنَةِ المدعي، وتَعْدِيلِهَا، فقد أَقَامَهَا في أَوَانِ إقامتها، وإن لم يُقِمْهَا حتى قَضَى القَاضِي للمدعي، وسَلَّم المَالَ إليه؛ فإن لم يُسْنَدِ المِلْكُ إلى الأوَّلِ، فهو الآن مُدَّعٍ خارج. وإن ادَّعَى مِلْكاً مُسْتَنِداً إلى ما قبل إِزَالَةِ اليَدِ، واعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشهود ونحوها، فهل تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؟ وهل تقدم باليد (٣) المزالة بالقَضَاءِ؟ فيه وجهان:

أحدهما: المنع؛ لأن تلك اليَدَ مَقْضِيٌّ بزوالها [وبطلان حكمها] (٤) فلا ينقض القَضَاء.

وأصحُّهما: أن بَيِّنَتَهُ مَسْمَوعَةٌ كبينة حتى يُقِيمَهَا بعدما قَضَى القاضي للمدعي، ويُنْقَضُ القَضَاءُ الأول؛ لأنه إنما أزيلت لعدم الحُجَّةِ، وقد قامت الحُجَّةُ الآن.

وإن أقام البَيِّنَةَ بعد القضاء للمُدَّعِي، وقبل الانْتِزَاعِ والتسليم إلى المدعي، فوجهان: مرتبان وأَوْلَى بأن تَسْمَعَ بَيِّنَتُهُ، ويقدم جانبه لبقاء اليد حساً (٥).

وإلى الوَجْهِ الآخر ذَهَبَ القاضي الحُسَيْنُ، فإن أبا سعد الهَرَوِيُّ قال: قال القاضي الحسين: أُشْكِلَتْ عَلَيَّ هذه المَسْأَلَةُ نَيِّفًا وعشرين سَنَةً؛ لما فيها من نَقْضِ الاجْتِهَادِ [بالاجتهاد] (٦)، وتَرَدَّدَ جوابي فيها؛ فذكرت مَرَّةً: أنَّه إن تَأَكَّدَ الحُكْمُ بالتسليم، لم


(١) في ز: تتعدل.
(٢) في أ: مكتفى.
(٣) في ز: اليد.
(٤) سقط في: ز.
(٥) ما رجحه من السماع ونقض القضاء الأول قطع به الماوردي والقاضي أبو الطيب وادعى فيه الإجماع والشيخ في المهذب والعبادي في الزيادات وعزاه في الذخائر للعراقيين ثم قال: وحكى الخراسانيون وجهاً لأنها لا تسمع وكذا قال ابن أبي الدم قطع به العراقيون.
(٦) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>