للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه اشْتَرَى من زَيْدٍ أو اتَّهَبَ. ففي هذه الصُّوَرِ سَاعدنا على أنَّه تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الداخل، ويُحْكَمُ بها. وعن أحمد ثَلاَثُ روايات:

إحداها كمذهبنا. والأخرى كمذهب أبي حَنِيْفَةَ، إلا أنَّه لم يُفَرِّقْ في بَيِّنَةِ النَّسِيجِ بين ما لا يُنْسَجُ إلا مَرَّةً، وبين غيره.

وأظهرهما: أنَّه لا تُسْمَعُ بَيِّنةُ الداخل، ولا يُحْكَمُ بها على الإطلاق.

واحتج الأصحاب على أبي حَنِيْفَةَ بالقِيَاسِ على ما سَلَّمَهُ، وبأنهما تَسَاوَيا في البَيِّنَةِ. وانفرد صاحب اليَدِ باليد، فَحُكِمَ له، كما لو انْفَرَدَ باليد ولا بَيِّنَةَ.

وعلى أحمد بما روِيَ أن رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا دَابَّةً، وأقام كل واحد منهما بَيِّنَةً أنها دَابَّتُهُ نَتَجَهَا، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للذي هي في يَدِهِ. وهل يُشْتَرَطُ في سَمَاعِ بَيِّنَةِ الداخل أن يُبَيَّنَ سَبَبَ المِلْكِ، من شراء، أو إِرْثٍ، أو غيرهما؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنهم ربما اعْتَمَدُوا ظَاهِرَ اليد.

وأصحهما: أنها تُسْمَعُ وإن كانت مُطْلَقَةً كَبَيِّنَةِ الخَارج، فإنها تُقْبَلُ مُطْلَقَةً، مع احتمال أن الشُّهُودَ اعْتَمَدُوا يَداً سَابِقَةً، ولا فَرْقَ في تَرْجِيح بَيِّنَةِ الداخل، أن يبين الخارج والداخل سَبَبَ المِلْكِ، وبين أن يُطْلِقَا.

وكذا لا فَرْقَ بين إِسْنَادِ البَيِّنَتَيْنِ، وإطلاقهما، إذا سمعنا بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ مع الإِطْلاَقِ. وإذا وقع التَّعَرُّضُ للسبب؛ فلا فَرْقَ أن يَتَّفِقَ السَّبَبَانِ، أو يَختَلِفَا، ولا بين أَن يُسْنَدَ المِلْكُ إلى شَخْصٍ واحد؛ بأن يقول: هذا اشْتَرَيتُهُ من زيد، وهذا مِثْلُ ذلك. أو تقول المَرْأَةُ وهي أَحَدُ المُتَدَاعيين: أصْدَقَنِيهِ زَوْجِي. ويقول خَصْمُهَا: اشتريتها من زَوْجِكِ. وبين أن يُسْنِدَ أحدهما إلى شَخْصٍ، والآخَرُ إلى آخر.

وحكى الفوراني وَجْهاً: أنَّه إذا أَقَامَ كل واحد منهما البَيِّنَةَ على الانْتِقَالِ من شخص معين يَتَسَاوَيانِ؛ لأنهما اتَّفَقَا على أن اليَدَ كانت لِثَالِثٍ، وكل واحد منهما يَزْعُمُ الانْتِقَالَ إليه، ثم في الفَصْلِ مسألتان:

إحداهما: في أن بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ متى تُسْمَعُ؟ ولها أحوال:

إحداها: أن يقيمها قبل أن يُدَّعَى عليه شَيْءٌ، فظاهر المَذْهَبِ أنها لا تُسْمَعُ؛ فإن الحُجَّةُ إنما تُقَامُ على شَخْصٍ، فإذا لم يكن خَصْمٌ، فلا حَاجَةَ إلى حُجَّةٍ.

وفيه وجه: أنها تُسْمَعُ؛ بغرض التَّسْجِيلِ.

والثانية: أن يُقِيمَهَا بَعْدَ الدعوى، وقبل أن يُقِيمَ المدعي البَيِّنَةَ؛ فإن سَمِعْنَا في الحالة الأولى، فهاهنا أَوْلَى. وإلاَّ فوجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>