للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكرير. ومنهم من قال: لا يكفي العَرْضُ مَرَّةً واحدة؛ فإنه قد يُصِيبُ فيها اتِّفَاقاً؛ ولكن يُعْرَضُ عليه ثَلاَثَ مرات. وإليه ذَهَبَ الشيخ أبو حَامِدٍ وأصحابه.

وذكر الإمَامُ: أنه لا مَعْنَى لاعتبار التَّكْرَارِ ثَلاَثاً؛ بل المُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ، بأن ما يقوله، [يقوله] (١) عن خِبْرَةٍ، وبَصِيرَةٍ، لا عن وِفَاقٍ، والظَّنُّ قد يَحْصُلُ بما دون الثلاث. وهذا كالتَّوَسُّطِ بين الوَجْهَيْنِ الأولين.

وإذا حصلت التَّجْرِبَةُ اعْتُمِدَ على إِلْحَاقَاتِهِ، ولا تُجدَّدِ التجربة لكل إِلْحَاقٍ.

ومنها أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ، فيجب أن يكون القَائِفُ مُسْلِماً، عَاقِلاً، بَالِغاً، عَدْلاً.

وفي اشتراط الحُرِّيَّةِ والذُّكُورَةِ وجهان:

أصحهما: الاشْتِرَاطُ كما في القاضي.

والثاني: يجوز الرُّجُوع إلى العَبْدِ والمرأة، كما في الفَتْوَى، وبناهما (٢) في "الإبانة"، على أن القِيَافَةَ كالحُكْم، أو كالقِسْمَة. ووجه مشابهتها القِسْمَةَ، اشْتِمَالُهَا على التمييز بالنَّفْي، والإِثْبَاتِ. وإنما يُتَصَوَّرُ فرْضُ الرِّقِّ في القَائِفِ على تَقْدِيرِ اخْتِصَاصِ القِيَافَةِ ببني مدلج، إذاً لجوزنا (٣) اسْتِرْقَاقَ العرب، وإلا فالمُدْلِجيُّ لا يكون إلا حُرّاً.

وذكر القاضي ابْنُ كجٍّ بِنَاءً على اعتبار أَهْلِيَّةِ الشهادة؛ أن قِيَافَةَ الأَعْمَى، والأَخْرَسِ، لا تجوز، وأنه إذا كان القَائفُ من أَحَدِ المتداعيين:

فإن أُلْحِقَ الولد بغير أبيه، قُبِلَ، وإن ألحقه (٤) بأبيه لم يُقْبَلْ. وإذا كان بين القَائِفِ وأحدهما عَدَاوَةٌ، فإن أَلْحقَهُ بالعَدُوِّ، قُبِلَ. وإن ألحقه بغير العَدُوِّ لم تقبل؛ لأنها كالشَّهَادَةِ على العدُوِّ. وفي اشتراط العَدَو وَجْهَانِ:

أحدهما: أنه لاَ بُدَّ من قَائِفَيْنِ، كما في التَّزْكِيَةِ والتقويم.

وأصحهما: الاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ الوَاحِدِ، كما في القَضَاءِ، والفَتْوَى. ويُحْكَى هذا عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في "الأم". وربما احْتُجَّ له بحديث المدلجي. ولو كان القاضي قَائِفاً، فهل يَقْضِي بِعلْمِهِ؟ فيه الخِلاَفُ في القضاء بالعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: مَحَلُّ العَرْضِ عَلَى القَائِفِ) فَالمَوْلُودُ إِذَا تَدَاعَاهُ اثْنَانِ لَمْ يَلْحَقْهُمَا بَلْ يُعْرَضُ عَلَى القَائِفِ إِذَا كَانَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا مُمْكِناً شَرْعاً، وَذَلِكَ بِأنْ يطَأَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِي بَعْدَ تَخَلُّلِ حَيْضَةٍ انْقَطَعَ الإمْكَانُ عَنِ الأَوَّلِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: وبيناهما.
(٣) في ز: إذا جوزنا.
(٤) في ز: ألحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>