للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوَّلُ زَوْجاً فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ كَانَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدِ فَفِي انْقِطَاعِ إِمْكَانِهِ قَوْلاَنِ، وَمَنِ انْفَرَدَ بِدَعْوَةِ مَوْلُودٍ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ لَحِقَهُ، فَإِنْ بَلَغَ فَانْتَفَى عَنْهُ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ قَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المَقْصُودُ الآن بَيَانُ أن الوَلَدَ متى يُعْرَضُ على القائف؟ وله موضعان:

أحدهما: أن يَتَدَاعَى اثنان مَوْلُوداً مَجْهُولاً من لَقِيطٍ وغيره، فيُعرَض على القَائِفِ [على ما سبق شرحه في اللَّقِيطِ.

والثاني: أن يَشْتَرِكَ اثنان، فَصَاعداً في وطءِ امْرَأَةٍ، فَأتَتْ بولد، لَزِمَ أن يُمْكِنَ أن يكون منهما، وادَّعَاهُ كل واحد منهما، فَيُعْرَضُ على القَائِفِ] (١). وعند أبي حَنِيْفَةَ في أحد المَوْضِعَيْنِ يُلْحَقُ الوَلَدُ بهما، أو بهم. ولا اعْتِبَارَ بقول القَائِفِ.

[واحتج الأَصْحَابُ -رحمهم الله- لاعتبار قول القَائِف] (٢) بما سَبَقَ، ولامْتِنَاع الإلْحَاقِ باثنين فَصَاعِداً، بأن الولد لا يَنْعَقِدُ من [مَاءِ] (٣) شَخْصَيْنِ؛ لأن الوَطْءَ لا بد وأن يَكُونَ على التَّعَاقُب، وإذا اجتمع مَاءُ الأول، مع مَاءِ المَرْأَةِ، وانْعَقَدَ الوَلَدُ منه، حَصَلَتْ عليه غِشَاوَةٌ تمنع من اخْتِلاَطِ مَاءِ الثاني بِمَاءِ الأول وَمَائِهَا.

وأيضاً فإنه لو تداعى الوَلَدَ، مُسْلِمٌ، وكافر، لا يُلْحَقُ بهما بالاتِّفَاقِ. فكذلك إذا تَدَاعَاهُ مسلمان، ثم الاشْتِرَاكُ في الوطء على الوجه المذكور يُفْرَضُ من وجوه:

منها أن يَطَأَ كل واحد منهما بالشُّبْهَةِ؛ بأن يَجِدَهَا على فِرَاشِهِ فَيَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، أو أَمَتَهُ. ولو كانت في نِكَاحٍ صحيح، فَوُطِئَتْ بالشُّبْهَةِ؛ فعن القاضي أبي الطَّيِّب -وهو الذي أَوْرَدَهُ [صاحب] (٤) "الشامل": أن الولد يُلْحَقُ بالزوج؛ لأنها فِرَاشُهُ، وَالفِرَاشُ أقوى من الشُّبْهَةِ، كما إنه إذا طلقها زَوْجُهَا، وانقضت عِدَّتُهَا، ونَكَحَهَا زوج آخر، فأتت بِوَلَدٍ، يُلْحَقُ بالثاني. وإن أَمْكَنَ أن يكون من الأَوَّلِ؛ لأنها فِرَاشُ الثاني. والأظهر، على ما ذكره القاضي الرُّوَيانِيُّ وغيره، وهو الذي أَوْرَدَهُ الإِمام: أنه لا يَتَعَيَّنُ الزَّوْجُ لِلإِلْحَاقِ، بل الموضع مَوْضِعُ الاشْتِبَاهِ، والعَرْضُ على القَائِفِ. وليس كالصورة المُسْتَشْهَدِ بها؛ لأن العِدَّةَ أمَارَةٌ ظاهرة في حُصُولِ البَرَاءَةِ عن الأول، وهاهنا بخلافه.

ومنها أن يَطَأَ الرجل زَوْجَتَهُ في النكاح [الصحيح، ثم يُطَلِّقُهَا فَيَطَؤُهَا غيره بالشُّبْهَةِ، أو في النكاح (٥) الفَاسِدِ] بأن ينكحها في العِدَّةِ، وهو جاهل بكونها في


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: أ.
(٣) سقط في: ز.
(٤) سقط في: ز.
(٥) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>