للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانْتَفَى عنه، هل يَنْدَفِعُ نَسَبُهُ؟. قال: فيه قولان: والمسألة مشهورة بالوَجْهَيْنِ. وقد ذكرها مَرَّةً في الإِقْرَارِ، وأخرى في اللَّقِيطِ. ومنها: اسْتَلْحَقَ بَالِغاً، فَأْنْكَرَ، لا يلحقه. وقد أَوْرَدَهَا في البابين المذكورين أيضاً.

وإلْحَاقُ القَائِفِ والحالة هذه، ليس بحُجَّةٍ عليه، وإن سَكَتَ البَالِغُ، فقد ذكر صاحب الكِتَابِ: أنه يُلْحِقُهُ القَائِفُ. وهذا لمَ أَجِدهُ لغيره: وليس هناك إلا وَاحِدٌ يدعيه.

نعم، لو ادعاه اثنان في مَوَاضِعِ الاشْتِبَاهِ، وهو سَاكِتٌ، يُعْرَضُ على القَائِفِ. وكذلك ذكره في "الوسيط". قال: فإن وافق أحدهما، لَحِقَهُ، ولم يُقْبَلْ قَوْلُ القَائِفِ؛ على خلافه. ومنها: لو تَدَاعَى اثنان صَبيّاً مَجْهُولاً، فقد أُطْلِقَ هاهنا؛ أنه يُلْحَقُ بصاحب اليد. كذلك نَقَلَهُ القاضي الروياني عن القَفَّالِ، والأَشْبَهُ بالمذهب، تفصيل ذكره في اللَّقِيطِ؛ وهو أنه إن كان يده عن الْتِقَاطٍ، لم يُؤَثِّرْ، وإن لم يكن عن الْتِقَاطٍ، فَيُقَدَّمُ صَاحِبُ اليد، إن تقدم اسْتِلْحَاقُهُ على اسْتِلْحَاقِ الآخر، وإلا فوجهان. وأما غير المُكَرَّرِ فصورتان:

إحداهما: إذا ادَّعَى نَسَبَ مَوْلُودٍ على فِرَاشِ غيره بسبب وطء شُبْهَةٍ اتفق، فإن قلنا: إن وَطْءَ الشُّبْهَةِ، إذا كانت المَرْأَةُ فِرَاشاً للزَّوْج، لا أَثَرَ له، والولد يُلْحَقُ بالزَّوْج، فلا اعْتِبَارَ بقوله. وإن جعلناه مُؤَثِّرَاً، فلا يكفي اتِّفَاقُ الزوجين عليه، بل لاَ بُدَّ من البَيِّنَةِ على الوطء؛ لأن لِلْمَوْلُودِ حَقّاً في النَّسَبِ واتفاقهما ليس بِحُجَّةٍ عليه.

فإذا قامت البَيِّنَةُ، عُرِضَ على القَائِفِ. فإن كان المُدّعي نَسَبُهُ بَالِغَاً، واعْتُرِفَ بِجَرَيَانِ وطء الشبهة، وجب أن يكفي.

الثانية: إذا استلحق مَجْهُولاً، وله زوْجَةٌ، فأنكرت وِلاَدَتُهُ، فهل يلحقها باسْتِلْحَاقِهِ؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن وَلَدَهُ منها ظاهراً.

وأصحهما: المنع؛ لِجَوَازِ أنه من وطء الشبهة (١)، أو زوجة أخرى.

وهما كوجهين ذَكَرْنَاهُمَا في اللَّقِيطِ، في أَنَّ المَرْأَةَ إذا اسْتُلْحِقَتْ، وقبلنا (٢) استلحاقها، هل يلْحَقُ الوَلَدُ زوجها؟ ولو استلحق مَجْهُولاً، وله زَوْجَةٌ، فأنكرت وِلاَدَتَهُ، واستلحقته امرأة لها زَوْجٌ، فَأَنْكَرَهُ، حكى في "الوسيط": فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن أُمَّهُ التي استلحقها دون المنكرة، وربما اتَّفَقَ بينها وبين صاحب اليد وطء شُبْهَةٍ.

والثاني: أن أُمَّهُ زَوْجَةُ صاحب اليَدِ، فإنها فِرَاشُ زَوْجِهَا.


(١) في أ: شبهة.
(٢) في أ: وقلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>