للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوِ اشْتَرَى نِصْفَ قَرِيْبِهِ عُتِقَ وَسَرَى عِنْدَ شُرُوطِهِ، وَلَوْ وَرِثَ لَمْ يَسْرِ، وَلَوْ قَبِلَ وَكِيْلُهُ فَاخْتِيَارُ وَكِيلِهِ كَاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ أَبِيْهِ فَمَاتَ قَبْلَ القَبُولِ فَقَبِلَهُ لَهُ أَخُوهُ سَرَى عَلَى المَيِّتِ إِنْ وَفَّى بِهِ الثُّلُثَ وَكَأَنَّهُ قَبْلُ فِي الحَيَاةِ، وَلوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ ابْنِ أَخِيهِ فَمَاتَ فَقَبِلَ أَخُوهُ لَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الأَخِ فِي وَجْهٍ، لِأَنَّ المِلْكَ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ لَهُ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَيَجْرِي الخِلاَفُ فِيمَا لَوْ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ قَرِيْبِهِ بِرَدِّ عِوَضِهِ بِالعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ رَجْعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد ذكر صاحب الكتاب مرة في شروط سِرَايَةِ العتق: أنه إذا اشْتَرَى نِصْفَ قريبه عُتِقَ عَلَيْهِ ما اشتراه وسرى إلى الباقي، وفي معناه قبول الْهِبَةِ وَالوَصِيَّةِ، وأنه لو وَرِثَ نِصْفَ قريبه لا يَسْرِي؛ لأنه لا اختيار له فيه، وشِرَاءُ الوَكِيلِ وَقَبُولُهُ الهِبَةِ والوصية كشرائه، وقَبُولِهِ لصدوره عن اختياره، وكذلك قَبُولُ نائبه شرعاً حتى لو أوْصَى لإنسان [ببعض ابنه] (١) فَمَاتَ قبل قبوله الوصية، وَقَبِلَهَا أخوه عتق الشَّقْصُ على المَيِّتِ وسَرَى إلى الباقي إِنْ وَفَّى به (٢) الثُّلُثُ وينزل قبول الوارث مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ في حياته ولو أوصى لإنسان ببعض مِمَّنْ يعتق على وارثه كما لو أوصى له ببعض ابن أخيه، فمات. قبل القبول، وقبل الأخ عُتِقَ الشقص، وفي السِّرَايَةِ وجهان:

أَشْبَهُهُمَا: المنع-؛ لأَنَّ المُلْكَ يحصل للميت أولاً، ثم ينتقل إليه إرثاً فكأنه لم يتملكه مقصوداً، ويجري الخلاف في السِّرَايَةِ حيث يحصل الملك بطريق اختيار، يتضمن الملك، ولا يقصد به التَّمَلُّكُ، كما إذا باع من يعتق على وارثه مثل: إن باع ابْنَ أَخِيهِ بِثَوْبٍ ومات، ووَارَثَهُ أخوه فرد الثوب بعيب واسترد الشقص عتق عليه، وهل يَسْرِي إلى الباقي؟ وهذا صورة قوله في الكتاب: "لوْ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ قَرِيبٍ برد عِوَضِهِ بالعيب؛ لأنه رجع غير مقصود". وقوله: "لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الأَخِ في وجه" كان الأَحْسَنُ أن يقول: لَمْ يَسْرِ ولا كلام في أن الشقص المردود؛ يعتقُ عليه، وأراد بما ذكره "أنه لم يعتق [كله] (٣) عليه" [فكنى] (٤) به عن السِّرَايَةِ.

واعلم أن هذه الصورة قد ذكرناها بشرحها في شروط السِّرَايَةِ؛ لأنه ذكر بعضها هناك وَضَمَّ هاهنا إلى المذكور هناك صوراً فرأينا إيرادها مَجْمُوعَةً أولى وَأَكْثَرَ فَائِدَةً. ولو وهبَ من العبد بعض من يعتق على سَيِّدِهِ فَقَبِلَ وقلنا: لا يَفْتَقِرُ قَبُولُهُ إلى إذن السيد


(١) في ز: بابنه.
(٢) في أ: بها.
(٣) سقط في: ز.
(٤) في ز: مُكنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>