وَأَيْضاً: فإنه غير مأمور بالبحث عن حدث الإمام وطهارته؛ لأنه لا علامة للمحدث والمتطهر يعرفان بها، فليس منه تقصير في الاقتداء به، وكل مصل لنفسه ففساد صلاة الإمام لا توجب فساد صلاة المأموم، والمسألة فيما إذا لم يعرف المأموم حدثه أصلاً، فإن علم حدثه، ولم يتفرقا، ولم يتطهر، ثم اقتدى به ناسياً وجبت الإعادة، وهي مفروضة في غير الجمعة، فأما إذا اتفق ذلك في الجمعة فسيأتي الكلام في بابها.
ومنها: لو اقتدى بمن ظنه قارئاً فبَانَ أنه أمي.
قال في "التهذيب": تجب الإعادة على قولنا: إن الصلاة خلف الأمي لا تصح، والذي ذكره في الكتاب أنه لا قضاء عليه؛ كما لو بان جنباً، ووجهه إمام الحرمين بأن البحث عن كون الإمام قارئاً لا يجب، بل يجوز حمل الأمر على الغالب، وهو أنه لا يؤم إلا قارئ، كما يجوز حمل الأمر على أنه متطهر، فإذا بان خلاف الغالب فهو كما لو بانت الجنابة، قال: وإذا كانت الصلاة جَهْرِيَّةٌ فيظهر فيها أنه قارئ، أو أمي، فإن لم يجهر فيها فحينئذ اختلف الأصحاب في أنه هل يجب البحث، وما حكاه صاحب "التهذيب" في المسألة أقرب إلى سياق الأكثرين، ويجوز أن يفرق بينه وبين ما إذا بَانَ جنباً بأن الحدث ليس بنقص في الشخص، وهذا نقص، فصار كما لو بَانَ كون الإمام كَافِراً، أو امرأة، وأيضاً فإن الوقوف على كونه قارئاً أسهل من الوقوف على كونه متطهراً؛ لأن عروض الحدث وإن عرف أنه تطهر قريب، وصيرورته أمياً بعد ما سمعه يقرأ في غاية البعد، وأما إذا اقتدى بمن لا يعرف حالة في صلاة جهرية ثم لم يجهر فحكاية العراقيين فيه عن نصه في "الأم" أنه يلزمه الإعادة؛ لأن الظاهر أنه لو كان قارئاً لجهر، فلو سلم وقال: أسررت ونسيت الجهر لم تجب الإعادة، وتستحب.
وإذا وقفت على ما ذكرنا أعلمت قوله:(فلا قضاء) بالحاء والميم والألف، وكذلك بالواو ولأمرين:
أحدهما: القول الذي حكاه صاحب "التلخيص".
والثاني: الخلاف الذي نقلناه في مسألة الأمي.
فإن قلت: ولم قيد هذه الصور بما إذا بَانَ الحال بعد الفراغ من الصَّلاَة، وكذلك قيد ما إذا اقتدى بخنثى، وبَانَ كونه رجلاً بما بعد الفراغ، وما الحكم لو بَانَ ذلك قبل الفراغ من الصلاة.
فالجواب: أما في صورة الخنثى: فالقولان جاريان في الحالتين، وحكى القاضي ابن كج القولين فيما إذا اقتدى خنثى بامرأة، ثم لم يخرج من الصلاة حتى بَانَ للمأموم