للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب: (ولو بَانَ كونه امرأة أو كافراً) [يعني كافراً (١)] لا يستسر بكفره، ومسألة الزنديق بعده توضحه، وليكن قوله: (وجب القضاء) معلماً بالزاي لأن عند المزني لا يجب القضاء لا فيما إذا بَانَ امرأة، ولا فيما إذا بَانَ كافراً.

قال الغزالي: وَيصِحُّ الاقْتِدَاءُ بِالصَّبِيِّ وَالعَبْدِ وَالأعْمَى وَهُوَ أَوْلَى (ح) مِنَ البَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ.

قال الرافعي: في الفصل صور:

إحداها: الاقتداء بالصبي المميز صحيح، خلافاً لأبي حنيفة ومالك، وأحمد -رحمهم الله- حيث قالوا: لا يصح الاقتداء به في الفرض، واختلفت الرواية عنهم في النفل.

لنا: ما روي أن عمرو بن سلمة: "كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ" (٢).

ولا خلاف في أن البالغ أولى منه.

والثانية: الاقتداء بالعبد صحيح من غير كراهة، لكن الحر أولى منه، وعند أبي حنيفة أنه تكره إمامته.

لنا ما روي أن عائشة -رضي الله عنها- كان يؤمها عَبْدٌ لَهَا لم يعتق يُكْنَى أبا عمرو.

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ أَجْدَعُ مَا أَقَامَ فِيكُمْ الصَّلاَةَ" (٣).

واَعلم أن الصورتين فيما إذا أَمَّا في غير الجمعة، فأما في الجمعة فسيأتي.

الثالثة: إمامة الأعمى صحيحة؛ لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ يَؤُمُّ النَّاسَ" (٤).

وهل هو أولى من البصير أم كيف الحال؟ فيه ثلاثة أوجه:

أحدها -وهو الذي ذكره في الكتاب، ويحكى عن أبي إسحاق المروزي-: أن


(١) سقط من (ط).
(٢) أخرجه البخاري (٤٣٠٢).
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٣، ٦٩٦، ٧١٤٢) وأحمد (٣/ ١١٤ - ١٧١) وابن ماجة (٢٨٦٠).
(٤) أخرجه أبو داود (٥٩٥) من حديث أنس، وابن حبان من حديث عائشة -رضي الله عنها- أورده الهيثمي في الموارد (٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>