للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمى أولى؛ لأنه لا ينظر إلى ما يلهيه ويشغله، فيكون أبعد عن تفرق القلب، وأخشع.

والثاني -وبه قال أبو حنيفة: أن البصير أولى؛ لأنه أحفظ لبدنه وثيابه عن النجاسات؛ ولأنه مستقل بنفسه في الاستقبال [وهذا] (١) اختيار الشيخ أبي إسحاق الشَّيرَازِي.

والثالث -وهو: المنقول عن نصه في "الأم" وغيره: أْنهما سواء لتعرض المعنيين، وهذا هو المذهب عند عامة الأصحاب، ولم يورد الصيدلاني والإمام وصاحب "التهذيب" [شيئاً] (٢) سواه.

قال الغزالي: وَالأَفْقَةُ الصَّالِحُ الَّذِي يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ أَوْلَى مِنَ الأَقْرَأ وَالأَوْرَعِ وَالأسَنِّ وَالنَّسِيبِ، وَفِي الأَسنِّ وَالنَّسِيبِ قَوْلاَنِ لِتَقَابُلِ الفَضِيلَةِ، وإذَا تَسَاوَتِ الصِّفَاتُ قُدِّمَ بِحُسْنِ الوَجْهِ وَنَظَافَةِ الثَّوبِ (٣).

قال الرافعي: ما ذكره في أول الفصل الثاني إلى هذا الموضع كلام فيمن يجوز الاقتداء به، ومن لا يجوز، ومن هاهنا إلى آخر الفصل كلام فيمن هو أولى بالإمامة إذا اجتمع قوم يصلحون لها والأصل في التقديم بالفضائل ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَاب اللهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، وَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءَ فَأَقْدَمُهُمْ فِي الْهِجْرَةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرةِ سَوَاءً فَأكْبَرُهُمْ سِنًّا" (٤).

وقد تعرض في الكتاب لخمس خصال من أصول خصال التقديم، وهي: الفقه، والقراءة، والورع، والسِّن والنَّسَبُ، وأبدل كثير من الأصحاب الورع بالهجرة، وقالوا: صفات التقديم خمس، وجمع بينهما في "التهذيب" وضم إليهما الأربع البواقي فجعلها ستاً.

أما الفقه والقراءة فالمراد منهما ظاهر.

وأما الورع فليس المراد منه مجرد العدالة (٥)، بل ما يزيد عليِه من العِفَّةِ وحُسْنِ السِّيَرةِ، وهو أيضاً بين.


(١) في أوهو.
(٢) سقط في ط.
(٣) في أالثانية.
(٤) أخرجه مسلم من رواية أبي مسعود الأنصاري (٦٧٣).
(٥) الصواب في تفسيره ما ذكره القشيري في رسالته وتابعه في التحقيق وشرح المهذب أنه عبارة عن اجتناب الشبهات أي خوفاً من الله كما ذكره القاضي عياض في المشارق ولم يذكر الزهد وهو أعلى رتبة في الورع واختيار رجحانه ظاهر حق إذا اشتركا في الورع وامتاز أحدهما بالزهد قدمناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>