للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانْفَصَلَ قبل موت السَّيِّدِ، فأما: إذا كانت المُدَبَّرَةُ حَامِلاً عند موت السيد، عتقَ معها الحَمْلُ، بلا خلاف، كما لو أعتق جَارِيةً حَامِلاً، فإن لم [يحتملها] (١) الثلث حاملاً، عُتِقَ منها قَدْرُ الثلث. وكذا المُعَلَّقُ عِتْقُهَا بالصفة، لو كانت حَامِلاً عند وجود الصِّفَةِ، عتق الحَمْلُ معها. ولو كانت الجَارِيةُ حاملاً عند التدبير، ففيه طريقان:

أحدهما: أنه يبنى حكمه على أن الحَمْلُ هل يُعْرَفُ؟ وفيه قولان: إن قلنا: يعرف -وهو الأَصَحُّ- فيكون الوَلَدُ مُدَبَّراً أيضاً.

وإن قلنا: لا يعرف، ففيه القولان المَذْكُورَانِ في الوَلَدِ الحادث.

وأَصَحُّهُمَا: القطع بكونه مُدَبَّراً، سواء قلنا: إن الحَمْلُ يعرف أو لا يعرف كما يدخل في البيع بلا خِلاًفٍ، وقد ذكر أنه لَيْسَ ذلك على سَبِيلِ السَّرَايَةِ، ولكن اللفظ يَتَنَاوَلُهُ [وإنما] (٢) يعرف كونه موجوداً يوم التَّدْبِيرِ، إذا أتت به لما دون سِتَّةِ أشهر، فإن أتت به لأكثر من أَرْبَعِ سنين من وَقْتِ التدبير، فهو حادث لا مَحَالَةَ، وإن أتت به المُدَّتَيْنِ، فينظر أَلَهَا زَوْجٌ يفترشها أم لا؟ وقد سبق مِثْلُهُ في مواضع.

فإن كان لها زَوْجٌ قد فَارَقَهَا قبل التدبير، وأتت بِوَلَدٍ لما دون أربع سنين من وَقْتِ الفِرَاقِ فيه قولان:

قال في "التهذيب": أصحهما: أنه يجعل موجوداً يوم التَّدْبِيرِ، كما يجعل موجوداً في ثبُوتِ النَّسَب من الزَّوْجِ. إذا ثبت التدبير في العمل، ثم انفصل، فَرُجُوعُ السَّيِّدِ عن التدبير في أَحَدِهِمَا لا يرفع التدبير في حَقِّ الآخر، كما ذكرنا في الوَلَدِ المنفصل.

وإن رجع قبل الانْفِصَالِ عن تدبير الحَمْلِ، وجَوَّزْنَا الرجوع عن التدبير ارْتَفَعَ التَّدْبِيرُ فيه، وبقي في الأُمِّ. وفي وجه: لا يجوز الرُّجُوعُ عنه ما دَامَ حَمْلاً، مع بَقَاءِ التدبير في الأم، وإن رَجَعَ في تدبير الأُمِّ، نُظِرَ إن قال: رَجَعْتُ عن تَدْبِيرِهَا دون تَدْبِيرِ الوَلَدِ، فلا يخفى الْحُكْمُ، وإن أَطْلَقَ، فوجهان:

أحدهما: أنه يَتْبَعُهَا في الرجوع، كما يتبعها في التَّدْبِيرِ.

وأصحهما: المَنْعُ، كالرجوع بعد الانْفِصَالِ ويخالف التَّدْبِيرُ؛ لأن فيه مَعْنَى العِتْقِ، وللعتق قُوَّةٌ وغَلَبَةٌ لا تُنْكَرُ.

وإذا رجع في تدبيرها دون الوَلَدِ، ثم أتت بِوَلَدٍ لما دون سِتَّةِ أشهر، من وقت الرُّجُوعِ فهو مُدَبَّرٌ، وإن أَتَتْ به لأكثر من ذلك، ولها زَوْجٌ يَفْتَرِشُهَا لم يكن مُدَبّراً؛ لأنه لا يعلم حُصُوله قبل الرجوع عن تدبيرها.


(١) في ز: يحملها.
(٢) في ز: دائماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>