للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه وجه: أنه يجوز ويُوَزَّعُ المَالُ على عَدَدِ السنين. ولو قال: في شَهْرِ كذا، أو في سَنَةِ كذا، فهو مَجْهُولٌ، أو يحمل على أَوَّلِ الشهر، وأول السَّنَةِ؟

فيه وجهان، كما ذكر في "السَّلَمِ" مثلها، وكذا لو قال: في يوم كذا.

ولو قال: في وَسَطِ السَّنَةِ، فهو مَجْهُولٌ، أو يحمل على النِّصْفِ؛ لأنه الوَسَطُ في الحقيقة. حكى القاضي الرُّوَيانِيُّ في "الكافي" وجهين فيه.

ولو قال: يُؤَدِّيَها إلى عَشْرِ سِنِينَ لم يَجُزْ؛ لأنه كتابة إلى أَجَلٍ واحد.

ولو قال: كَاتَبْتُكَ على مِائَةٍ تُؤَدِّيَهَا إِلَيَّ في ثلاثة أشهر، قِسْطٌ كُلَّ شهر عند انْقِضَائِهِ؛ نقل القاضي ابْنُ كَجٍّ عن ابن سُرَيْجٍ أنه يجوز.

وعن ابن هُرَيْرَةَ وغيره -رحمهم الله- المَنعُ إذا لم يعلم حصة كل شهر في الحال.

وقوله في الكتاب: "إعلام القَدْرِ والأجل والنجم" كأنه يعني بالقَدْرِ جُمْلَةَ العِوَضِ وبـ"النجم" القَدْرَ المُؤَدِّيَ عند كل مَحَلّ، ويُشْبِهُ أن يقال: يكفي إِعْلامُ المؤدى عند كل محل، ويسهل فيه معرفة الجُمْلَةِ إذا أَرَادَهَا.

و"النجم" في الأَصْلِ الوَقْتُ، يقال: كَانَتْ العَرَبُ لا يعرفون الحِسَابَ، ويَبْنُونَ أُمُورَهُمْ على طُلُوع النجوم والمَنَازِلِ. فيقول أحدهم: إذا طلع نَجْمُ الثُّرَيَّا أُدَّيت من حَقّك كذا [فسميت] (١) الأَوْقَاتُ نُجُوماً، ثم قد يسمى المؤدى في الوقت نَجْماً.

فرعان:

الأول: لو كاتب عَبْدَهُ على دِينَارٍ إلى شهر، ودِينَارَيْنِ إلى شهرين، على أنه إذا أَدَّى الدينار الأَوَّلَ عتق، ويؤدي الدينارين بعد العِتْقِ.

فعن ابن سُرَيْجٍ: أن في صِحَّة الكتابة قَوْلَيْنِ، وهما عند بعضهم القولان في أن الصَّفْقَةَ إذا جَمَعَتْ بين عَقْدَيْنِ مختلفين؛ هل يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا؟

وعند بعضهم مُتَأَصِّلانِ، ويوجه البُطْلَانُ بأنه شَرَطَ ما يخالف قَضِيَّةَ الكتابة؛ لأن قَضِيَّتَهَا أن يعتقَ [بِأَدَاءِ] (٢) جميع النجوم دون البَعْضِ.

والصحة أنه لو كاتبه مُطْلقاً، وأَدَّى بَعْضَ المال، ثم أَعْتَقَهُ على أن يُؤَدِّيَ الباقي بعد العِتْقِ جاز، فكذا إذا شَرَطَهُ في الابتداء، كذلك نقله (٣) ابن الصَّبَّاغ وغيره -رحمهم اللهُ-.


(١) في ز: قسمت.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في أ: ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>