للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشبههما: المنع، وجعل الإرْفَاق نَاقِضاً لما جرى به الإِذْنُ والموافق عليه.

ومنهم من قطع بالإِذْنِ، وقال: يحتمل التَّبْعِيض في الانْتِهَاءِ، وإن لم يحتمل في الابتداء؛ لأن الدَّوَامَ أَقْوَى من الابتداء (١).

وقوله في الكتاب: "فقوْلان وأَوْلَى بالجَوَازِ لِقُوَّةِ الدوام" بنيه على الطريقين.

ولو كاتب إِنْسَانٌ عَبْدَهُ، ومات عن ابْنَيْنِ، وعَجَزَ المُكَاتَبَ، فَأَرَقَّهُ أحدهما، وأراد الثاني إِنْظَارَهُ، فيجري فيه الطَّرِيقَانِ؛ لأن الكِتَابَةَ بعد الموت بين الوَارِثينَ ككتابة تَصْدُرُ من الشريكين، ولذلك يُعْتَقُ نصيب أحد الابنين بِإِبْرَائِهِ عن حِصَّتِهِ من النجوم، وهذه الصورة أَوْلَى بألاَّ تَتَبَعَّضَ فيها الكِتَابَةُ؛ لأنها صَدَرَتْ من واحد في الابْتِدَاءِ، وهناك تثبت من شخصين، والصَّفْقَةُ تتعَدَّدُ بتَعَدُّدِ العاقد.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: هَذَا بَيَانُ مَا يَصِحُّ مِنَ الكِتَابَةِ، وَمَا لاَ يَصِحُّ، فَيَنْقَسِمُ إلَى بَاطِلٍ وَفَاسِدٍ فَالبَاطِل هُوَ الَّذِي اخْتَلَّ بَعضُ أَرْكَانِهِ بِأَنْ صَدَرَ الإِيجَابُ وَالقَبُولُ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، أو غَيْرِ مَالكٍ، أَوْ مُكرَهٍ، أَوْ عَدَمِ قَصْدِ مَالِيَّةِ العِوَضِ، كَمَا لَوْ كَاتَب عَلَى دَمٍ أَوْ حَشَرَاتٍ، أَوِ اخْتَلَّتِ الصِّيغَةُ بِأَنْ فُقِدَ لَفْظُ العَقْدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لما تَكَلَّمَ في الأَرْكَانِ بشروطها التي هي مَنَاطُ الصِّحَّةِ أراد أن يُبَيِّنَ حَالَ الكِتَابَةِ التي لا تصلح وتنقسم إلى بَاطِلَةٍ وفَاسِدَةٍ.

أما الباطلة فهي التي اخْتَلَّ بعض أَرْكَانِهَا بأن كان السَّيِّدُ صبياً أو مَجْنُوناً، أو مُكْرَهاً على الكتابة، أو كان العَبْدُ كذلك، أو كاتب وَليُّ الصبي والمجنون عَبْدَهُمَا، أو لم يَجْرِ ذِكْرُ عِوَضٍ، أو ذِكْرُ ما لا يقصد ولا مَالِيَّةَ له كالدَّمِ والحَشَرَاتِ، أو اختلفت الصِّيغَةُ بأن فُقِدَ الإيجَابُ أو القَبُولُ، أو لم يوافق أحدهما الآخر.

وأما الفَاسِدَةُ فهي التي امْتَنَعَتْ صِحَّتُهَا لِشَرْطٍ فَاسِدٍ، أو لِفَوَاتِ شرط في العِوَضِ، بأن كان خَمْراً، أو خِنْزِيراً، أو مجهولاً، أو لم يُؤَجِّلْهُ، أو لم يُنَجِّمْهُ، أو كاتب بَعْض العَبْدِ. وضبطها الإِمَامُ فقال: إذا صدرت الكِتَابَةُ إِيجَاباً وقَبُولاً ممن تصح عِبَارَتُهُ، وظهر اشْتِمَالُهَا على قَصدِ المَاليَّةِ، لكنها لم تَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ [الصحة] (٢) فهي الكتابة الفَاسِدَةُ.

إذا عرفت ذلك فالكتابة البَاطِلَة لاَغِيَةٌ، إلاَّ أنه صَرَّحَ بالتعليق، وهو ممن يصح


(١) وفيه طريقة ثالثة وهي القطع بالمنع لأن ذلك يؤدي إلى أن يبقى نصف العبد مكاتباً بغير رضي الشريك والنص إبطال ذلك ابتداء فكذا في الدوام حكاها الإِمام والغزالي في البسيط ووقع في الوسيط فيه خلل. قاله في الخادم.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>