للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْغَزَالِيُّ: ثُمَّ الفَاسِدُ يُسَاوِي الصَّحِيحَ فِي ثَلاَثةِ أُمُورٍ: (أَحَدُهَا): أنَّهُ يَحْصُلُ العِتْقُ بِالأَدَاءِ، لَكِنْ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ، فَلاَ يَحْصُلُ بِالإِبْرَاءِ وَالاعْتِيَاضِ. (والثاني): أنَّهُ يُسْتَقَلُّ بِالكَسْبِ وَيَسْتَتْبعُ عِنْدَ العِتْقِ مَا فَضُلَ مِنْ كَسْبِهِ، وَكَذَا وَلَدُهُ مِنْ جَارِيَتِهِ، أَمَّا وَلَدُ المُكَاتَبَةِ فَفِي سِرَايَةِ الكِتَابَةِ الفَاسِدَةِ إِلَيْهِ قَوْلاَنِ، كَمَا فِي سِرَايَةِ التَّعْلِيقِ. (والثَّالِثُ): أنَّهُ يَسْتَقِلُّ حَتَّى يُعَامِلَ السَّيِّدُ، وَتَسْقُطَ عَنْهُ نَفَقَتهُ، وَالصَّحِيحُ أنَّهُ لاَ يُسَافِرُ، وَفِي صَرْفِ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال الأَصْحَابُ: تَعْلِيقُ العِتْقِ بالصِّفَةِ على ثلاثة أَقْسَامٍ:

أحدها: التَّعْلِيقُ الخَالِي عن المُعَاوَضَةِ، كقوله: إن دخلت الدَّارَ أو إن كلمت فلاناً فأنت حُرٌّ. ومن هذا القَبِيلِ قَوْلُهُ: إن أَدَّيْتَ إِلَيَّ كذا فأنت حُرٌّ، فإن المال ليس مَذْكُوراً على سبيل الأَعْوَاضِ، فهذا لازم من الجَانِبَيْنِ، فليس لِلْعَبْدِ، ولا للسيد ولا لَهُمَا رَفْعُهُ بالقول، وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ السيد [وإذا وجدت الصِّفَةُ في حياته عُتِقَ، وكَسْبُ العبد] (١) قبل وجود الصفة للسيد، ولو أَبْرَأَهُ في صُورَةِ التعليق بأَدَاءِ المال عن المال، لم يُعْتَقُ، ولا تراجع بين السَّيِّدِ وبَيْنَهُ.

والثاني: التَّعْلِيق في عقد يَغْلِبُ فيه معنى المُعَاوَضَةِ، وهو الكتابة الصَّحِيحَةُ، في عَقْدٍ فيه معنى المُعَاوَضَةِ، وَيَغْلِبُ فيه معنى التعليق، وهو الكتابة الفَاسِدَة، وهي كالصحيحة في أحكام:

أَحَدُهَا: أنَّه إذا أَدَّى العَبْدُ المُسَمَّى عُتِقَ بموجب التعليق، ولا يُعْتَقُ بإبراء السيد، ولا بأَدَاءِ الغير عنه تبرعاً؛ لأن الصِّفَةَ المُعَلَّقَ عليها لا تَحْصُلُ بهما، بخلاف الكتابة الصحيحة. وحكى الصَّيدَلاَنِيُّ عن أبي حنيفة أنَّه يُعْتَقُ بهما، ولو اعْتَاضَ عن المسمى لم يُعْتَقْ أيضاً.

وقوله في الكتاب: "فلا يحصل بالإبْرَاءِ أو الاعتياض" ونَبَّهَ على [أن العتيق] (٢) يحصل بِمُوجَب التعليق، لا بحكم المُعَاوَضَةِ وإلاَّ فهو مما يُفَارِق فيه الكِتَابَة الفاسدة الكِتَابَةَ الصحيحَة، وذِكْرُهُ هناك أَحْسَنُ.

وقوله: [الاعتياض] (٣) قد يفهم من السِّيَاقِ المذكور تَجْوِيزُ الاعتياض في الكتابة الصحيحة، وحُصُولِ العِتْقِ، لكن فيه خِلاَفٌ سيأتي من بَعْدُ، إن شاء الله تعالى.


(١) سقط في: ز.
(٢) في أ: أنه.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>