للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالسَّفَرِ على الاكْتِسَاب، ولأن المُكَاتَبَ في يَدِ نَفْسِهِ، والسيد يَسْتَحِقُّ عليه دَيْناً مُؤَجّلاً، والدَّيْنُ المُؤَجَّلُ لا يمنع السَّفَرَ.

والثاني: حَمْلُهُمَا على حَالَيْنِ، حيث جوز أَرَادَ السفر القصير وحيث منع أراد السفر الطويل.

وقيل: حيث جَوَّز أراد ما إذا لم يحل النَّجْم؛ وحيث منع أراد ما إذا حَلَّ.

فإن قلنا: يسافر بغير إِذْنٍ، ففي المُكَاتَبِ كِتَابَةً فاسدة وجهان:

أحدهما: أن له ذلك أيضاً؛ لاسْتِفلاَلِهِ بالكَسْبِ.

وأظهرهما: المنع؛ لأن تَمْكِينَهُ من الخروج عن ضَبْطِ السيد ونَظَرِهِ من غير عقد لازم بعد.

الثانية: يجب على السَّيِّدِ فِطْرَةُ المُكَاتَب كِتَابَةً فَاسِدَةً، وهل يصرف إليه سَهْمُ الرِّقَابِ؟ فيه وجهان عن حكاية القاضي الحسين (١): أحدهما: نعم؛ لأنها من الأَكْسَابِ التي يُتَوَصَّلُ بها إلى العِتْقِ، وهو مُسْتَقِلٌّ بالاكتساب.

وأصحُّهما: وهو المَحْكِيُّ عن النَّصِّ: لا؛ لأن هذه الكِتَابَةَ غير لاَزِمَةٍ، والقَبْضُ فيها غير مَوْثُوقِ به، وعلى هذا فالمَسْأَلَةُ مما يُفَارق فيها الكتابة الفاسدة الصحيحة، وكذا المُسَافَرَةُ إذا منعناها في الفَاسِدَةِ، وجَوَّزْنَاهَا في الصحيحة. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَيُفَارِقُهُ فِي أَمْرَيْنِ: (أَحَدُهُمَا): أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ مَا عُلِّقَ بِهِ الأَدَاءُ رَدَّهُ، وَرَجَعَ إلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ لِفَسَادِ العِوَضِ (والثَّانِي): أنَّها لاَ تَلْزَمُ مِنْ جَانِبِ السَّيِّدِ فَلَهُ فَسْخُهَا، وَمَهْمَا فَسَخ، أَوْ قَضَى القَاضِي بِرَدِّهَا، لَمْ يُعْتَق بِحُكْمِ التَّعْلِيق، وَإِنْ أَقدَّ؛ لأَنَّهُ كانَ تَعْلِيقاً في ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ، وَلَو أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتهِ صَحَّ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَكانَ فَاسِخاً لِلكِتَابَةِ حَتَّى لاَ يَتْبَعَهُ الكَسْبُ، بِخِلاَفِ الكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، فَإنَّهَا تَمْنَعُ الإجْزَاءَ عَنِ الكَفَّارَةِ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ فَأدَّى إلَى الوَارِث، لَمْ يُعْتَقْ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ القَائِلَ لَهُ: إِذَأ أَدَّيتَ فَأنْتَ حُرٌّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: حَقُّ لفظ "الكتابة" تأنيث الكتابة، والتذكير هاهنا.

وفي قوله: "من قبل ثم الفاسد يساوي الصحيح" مَرْدُودٌ إلى العَقْدِ أو نحوه.

وفي الفصل مسائل:


(١) في ز: حسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>