للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْعِوَضِ، وكأنه قال: إن أَدَّيْتَ كذا في ضمن معاوضة فأنت حُرٌّ، فإذا ارتفعت المُعَاوَضَةُ ارتفِع التَّعْلِيقُ الذي تَضَمَّنَتهُ، وكأنه قال: إن أَدَّيْتَ فأنت حُرٌّ ما لم أرجع، فالعِتْقُ يَتَعَلَّقُ بِالأدَاءِ، وعدم الرجوع، وقد بَطَلَتْ إحدى الصِّفَتَيْنِ.

وليشهد السيد على الفَسْخِ فإن وجد أَدَاءُ المسمى، واختلفا فقال العبد: أَدَّيْتُهُ قبل أن فسخت، وقال السيد: بَلْ بعده. فالمُصَدَّقُ العَبْدُ؛ لأن الأصل عَدَمُ الفسخ، وعلى السيد البَيِّنَةُ. الثالث إذا أعتق المُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، عُتِقَ، لا عن جِهَةِ الكتابة، وكان إِعْتَاقُهُ فَسْخاً للكتابة، وليكن الحكم كذلك لو بَاعَهُ أو وَهَبَهُ، وعلى هذا فلو أَعْتَقَهُ عند كَفَّارَتِهِ فيجْزِيهِ، وقد سبق ذِكْرُ هذا مَرَّةً في "الكَفَّارَاتِ" وحكاه الشيخ أبو عَلِيٍّ عن نَصِّ الشَّافعي -رضي الله عنه- ثم قال: إذا عُتِقَ لا عن جِهَةِ الكتابة لم يَتْبَعْهُ الكَسْبُ والأَوْلاَدُ بخلاف الكتابة الصحيحة؛ لأن المُكَاتَبَ هناك اسْتَحَقَّ العِتْقَ على السيد بعقد (١) لاَزِم، واستحق [استتباع] (٢) الأَكْسَابِ والأولاد فليس للسَّيِّدِ إِبْطَالُهُ، وهاهنا لا اسْتِحْقَاقَ على السيد، فجعل فَاسِخاً للكتابة.

قال: وَعَرَضْتُ هذا على الشيخ القَفَّالِ، فَاسْتَحْسَنَهُ، وأَقَرَّني عليه ولم يَرَ غيره.

وهذا ظاهر المذهب، والمذكور في الكتاب ولْيُعْلَمْ مع ذلك قوله في الكتاب: "لأبرئت ذمته"، [وقوله] (٣): "وكان فاسخاً للكتابة".

وقوله: "حتى لا يتبعه الكسب" كلها بالواو، لا كما ذكرنا في الكَفَّارَةِ: إن الإِمام قال: إجْزَاؤُهُ عن الكَفَّارَةِ مرتب على أنَّه إذا أَعْتَقَهُ السيد، هل يَسْتَتْبعُ عِتْقُهُ الأَكْسَابَ والأَوْلاَدَ؟ فيه خلاف مُحَالٌ على هذا الباب، فإن لم يستتبع كان إِعْتَاقُهُ فَسْخاً وإِجْزَاءً عن الكَفَّارَةِ، وإلاَّ ففي الإِجْزَاءِ وجهان.

وقوله: "فإنها تمنع الإِجْزَاءَ عن الكفَّارة" يجوز أن يُعَلَمَ بالحاء والألف؛ لما ذكرنا في الكَفَّارَاتِ.

"الرابعة": تبطل الكتابة الفاسدة بمَوْتِ السَّيِّدِ، فلا يحصل العِتْقُ بالأَدَاءِ إلى الوَارِثِ بعد الموت. وعن أبي حَنِيْفَةَ وأحمد: أنَّه يَحْصُلُ، كما في الكِتَابَةِ الصحيحة.

لنا: أنها جَائِزَةٌ من الجَانِبَيْنِ، فتبطل بالموت كالوِكَالَةِ. وأيضاً؛ فإنا قد ذَكَرْنَا أن العِتْقَ فيها يَحْصُلُ بِحُكْمِ التعليق، فيبطل بالموت كسائر التعليقات.

نعم، لو قال: لو أديت إلى ذُرِّيَّتِي كذا بعد موتي، فأنت حُرٌّ. عتق بالأَدَاءِ إليهم،


(١) في أ: بفعل.
(٢) في ز: استمتاع.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>