للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس له أن يَتَوَسَّلَ إلى الحكْمِ بانْتِفَائِهِ أَصْلاً، أو ما أشبه ذلك، وأما الأَرْشُ فيه وجهان:

أحدهما: ما ينقص من قِيمَةِ رَقَبَةِ العبد، بحسب نُقْصَانِ العَيْبِ من قيمة النجوم على ما هو قِيَاسُ المُعَاوَضَاتِ. وهذا ما أَوْرَدَهُ أبو الفَرَجِ السَّرَخْسِىُّ.

والثاني: ما ينتقص من النجوم المَقْبُوضَةِ بسبب العَيْبِ.

وَوُجِّهَ بأن المقبوض عن المُلْتَزَمِ في الذمةِ ليس كما في العَقْدِ، ولذلك لا يَرْتَدُّ العَقْدُ برَدِّهِ، فلا يسترد في مُقَابَلَةِ نقصانه جزءاً من العوض كما لا يسترد العوض (١) إذا كان بَاقِياً فيرد (٢) بالعيب. وهذا ما نَقَلَ القاضي الرُّوَيانِيُّ رُجْحَانَهُ، وأُجْرِيَ الوَجْهَانِ في كل عقد، ورد على موصوف في الذِّمَّةِ.

قال الإِمَامُ: وأمثل منهما أن يُقَال: يُغَرَّمُ السَّيِّدُ ما قَبَضَ، ويطالب بالمُسَمَّى بالصفات المشروطة.

وقوله في الكتاب: "فوجدها نَاقِصَةً"، يريد به النُّقصَانَ بالعَيْب، فأما إذا ظهر نُقْصَانٌ في الكَيْلِ، أو الوَزْنِ، فالعِتْقُ غير حاصل بلا خِلاَفٍ، سواء بقيَ المَقْبُوضُ في يَدِ السِّيِّدِ أو تلف، فإن رَضِيَ بالنَّاقِصِ، فيعتق حينئذ بالإِبْرَاءِ عن الباقي.

وقوله: "ورد العتق"، يريد رَفْعَ الحُكْمِ بالعتق، أو غيره مما ينتظم على قولنا: إنه ما حَصَلَ العِتْقُ، وعلى قولنا: إنه حصل، ثم ارتفع؛ ألا تراه قال: إذ يتبين أنه لم يَحْصُلْ، أو حصل حُصُولاً غير مُسْتَقِرٍّ بحسب العِوَضِ؛ أي حصل غَيْرَ لاَزِمٍ مَوْقُوفاً حَالُهُ على تَبَيُّنِ حَالِ العِوَضِ سَلاَمَةً وَتَعَيُّبًا.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: السَّادِسَةُ: إِذَا خَرَجَتِ النُّجُومُ مُسْتَحَقَّةً تَبَيَّنَ أَنْ لاَ عِتْقَ، فَلَوْ كَانَ قَالَ لَهُ عِنْدَ القَبْضِ: اذْهَب فَأنْتَ حُرٌّ أَوْ عُتِقْتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يُؤَاخَدُ به كَمَا لِلمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الصَّحِيحِ إِذَا خَرَجَ المَبِيعُ مُسْتَحَقاً وَإِنِ ادَّعَى المِلْكَ لِلبَائِعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالطَّلاَقِ ثُمَّ قَال: كُنْتُ أَطْلَقْتُ لَفْظَةً ظَنَتتُهَا طَلاَقاً ثُمَّ رَاجَعْتُ المُفْتي فَأخْبَرَني بأَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ أنَّهُ يُقْبَلُ وَقَدْ قيلَ به، وَكَذَا فِي العِتْقِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا خرج بَعْضُ النجوم، أو جَمِيعُهَا مستَحَقًا تَبَيَّنَ أنه لا عِتْقَ؛ لأن الأدَاءَ لم يَصِحَّ، وإن ظهر الاسْتِحْقَاقُ بعد مَوْتِ المكاتب بَانَ أنه مَات رَقِيقًا، وأن ما تركه للسَّيِّدِ دون الوَرَثَةِ. ولو قال السَّيِّدُ عند الأخذ: اذهب فأنت حُرٌّ، أو فقد عتقت، ثم تَبَيَّنَ الاستحقاق؛ ففيه وجهان:


(١) في ز: المعوض.
(٢) في ز: فرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>