للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِتْقِ، كما يُدْفَعُ إليهم سَهْمُ الرِّقَابِ قبل العِتْقِ. وعلى هذا فإنما يَتَعيَّنُ في النَّجْمِ الأخير.

وأما وقت الجَوَازِ، فمن أول عَقْدِ الكتابة، ويجوز بعد الأَدَاءِ، أو حصول العِتْقِ أيضاً، ولكنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ القضاء إذا أوجبنا التَّقْدِيمَ على العتق.

وفي طريقة الصَّيدَلاَنِيِّ -نقل وَجْهٍ: أنه لا يجوز الإيتَاءُ بما قبل النَّجْم الأَخِيرِ؛ بل يجب أن يحط منه ليرتب عليه العِتْق، أو يُؤْتيه بعد العِتْقِ؛ ليحصل التمليك الكَامِلُ، وقد يشعر قوله في الكتاب: "وفي وجوب تقديمه على وقت العِتْقِ وجهان"؛ فإنَّا إِذا لم نُوجِبِ التقديم يجوز (١) التقديم والتَّأْخِيرِ جَميعاً.

ومنهم من يُشْعِرُ إِيرَادُهُ بوجوب التأخير كما قَدَّمْنَا.

والثالثة: في قَدْرِهِ؛ وفيه وجهان:

أصحهما -وهو المنصوص في "الأم"-: أنه لا يتقدر (٢) بل يكفي ما يتمول، ويقع عليه الاسْمُ؛ لأنه لم يَرِدْ فيه تَقْدِيرٌ.

وقوله: "مِنْ مَالِ اللهِ"؛ يتناول القَلِيلَ والكَثيرَ.

والثاني -ويحكى عن أبي إِسْحَاقَ-: أنه يَنْبَغِي أن يكون قَدْراً يَلِيقُ بالحال، ويستعين به على العِتْقِ، دون القليل الذي لا وَقْعَ له. وعلى هذا، فيختلف الحال بقِلَّةِ المال وكثرته، فإن لم يَتَّفِقَا على شيء قَدَّرَهُ الحاكم بالاجتهاد، وينظر فيه إلى قُوَّةِ العبد واكتسابه. وعن رواية ابن القَطَّانِ وَجْهٌ: أنه يُعتَبَرُ حَالُ السَّيِّدِ في اليسار والإعسار (٣).

وعن الأَصْطَخْرِيِّ: أنه يحتمل أن يُقَدَّرَ بِرُبْعِ العُشْرِ، والمُسْتَحَبُّ قَدْرُ الربع، روي ذلك عن علي -كرم الله وجهه-.

وفي وجه ضعيف: الثُّلُث، فإن لم تسمح نَفْسُهُ بذلك، فالسُّبع مَحْبُوبٌ؛ لما روي أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كَاتَبَ عَبْداً له بخمسة وثلاثين ألف درهم، وَحَطَّ عنه خمسة آلاف (٤)، وخمسة سُبْع خمسة وثلاثين. قال في "الوسيط": وكان السُّبْع إلى العشر لائقاً.


(١) في ز: لجواز.
(٢) في ز: يتعدد.
(٣) ومقتضاه ترجيح الأول. وحكى الماوردي الوجه الثاني عن أبي إسحاق اعتباراً بالمنفعة. قال: ويعتبر ثلاثة أمور:
أحدها: كثرة مال الكتابة وقلته. والثاني: قوة العبد وضعفه فالضعيف الكسب أكثر وقوته أقل. والثالث: يسار السيد وإعساره.
(٤) رواه مالك في الموطإ بهذا، وأخرجه البيهقي [١٠/ ٢٣٠] من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>