للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرَرٌ في القَبُولِ؛ أجبر عليه (١)؛ لأن للمكاتب غَرَضاً ظاهراً فيه، وهو تنجيز العتق، أو تقريبه، ولا ضَرَرَ على السَّيِّدِ من قبوله (٢)، ولأن المحل حَقُّ مَنْ عليه الدَّيْنُ، فإذا أَسْقَطَهُ ينبغي أن يسقط، وقد ورد فيه الأَثَرُ عن عمر -رضي اللهُ عنه-؛ كان لحق السَّيِّدَ ضَرَرٌ بأن كان لا يبقى بحاله إلى وَقْتِ الحُلُولِ، كالطَّعَامِ الرَّطْبِ، أو كان يلزمه مُؤنَةٌ كَعَلَفِ الحيوان، وما يحتاج إليه لِلْحِفْظِ، أو كان في أيام فِتْنَةٍ وغَارَةٍ؛ فلا يُحْبَرُ على القَبُولِ.

نعم؛ لو أُنْشِئَ العَقْدُ في وقت الفِتْنَةِ والغَارَةِ، ففيه وجهان:

أحدهما: يُجْبَرُ؛ لاستواء الحَالَتَيْنِ، كما لو (٣) استويا في الأمن.

وأصحهما: المنع؛ لأنها قد تَزُولُ عند المَحَلِّ.

ولو أتى بالنجوم في غير بَلَدِ العَقْدِ؛ فإن كان في النَّقْلِ مُؤنَةٌ، أو كان الطريق، أو ذلك البَلَدُ مَخُوفاً لم يُجْبَرْ على القبول وإلاَّ فَيُجْبَرْ.

وقوله في الكتاب: "وفي سائر الديون المؤجلة وجهان"، لا يمكن حَمْلُهُ على ما سوى النُّجُومِ مُطْلَقاً، وكيف وقد ذكر أنه لو عَجَّلَ دَيْناً به رهن يُجْبَرُ على القَبُولِ لفكِّ الرَّهْنِ.

وقد سبق ذلك في "باب السَّلَمِ"، وبَيَّنَّا هناك أنه إذا لم يكن للتعجيل غَرَضٌ سوى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ؛ ففي إِجْبَارِ المستحق على القَبُولِ قولان:

أظهرهما: الإجْبَارُ، فليحمل قوله: "وفي سائر الدُّيُونِ المُؤَجَّلَةِ" على ذلك، أي الديون التي لا يَتَعَلَّق بتعجيلها غَرَضُ عتق (٤) وفك رَهْنٍ، وغيرهما.

الثانية: إذا أَتَى المُكَاتَبُ بالنجوم في مَحَلِّهِ، والسَّيِّدُ غَائِبٌ، فيقبض القاضي عنه، وكذا يقبض عنه إذا امتنع وهو حَاضِرٌ، ويعتق العَبْدُ. ولو أتى بالنجم قبل المَحَلِّ والسَّيِّد غائب؟ فكذلك يقبض عنه إذا عرف أنه لا ضَرَرَ على السَّيِّدِ في أَخْذِهِ.

قال الصَّيْدَلاَنِيُّ: وبمثله لو كان لِغَائِبٍ دَيْنٌ على آخر، فأتى به الحاكم؛ هل يقبضه للغائب؟ فيه وجهان:

أظهرهما: المنع؛ لأنه ليس للمؤدى غَرَضٌ إلاَّ سُقُوطُ الدَّيْنِ عنه، والنظر للغائب


(١) قال في الخادم: زاد في المحرر فإن أتى قبضه القاضي، وليس ذلك في الشرح والروضة هنا ولكن ذكراه فيما إذا أتى بالنجم والسيد غائب فقال: يقبضه عنه، وكذا يقبضه عنه إذا امتنع وهو حاضر.
(٢) في أ: في القبول.
(٣) سقط في: ز.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>