للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يترك المَالَ في ذِمَّةِ الملئ فإنه خَيْرٌ من أن يصير أَمَانَةً في يد الحاكم (١).

الثالثة: إذا أتى المُكَاتَبُ بالنجوم، فقال السَّيِّدُ: هذا حَرَامٌ أو مغصوب؛ نُظِرَ: إن أقام على ما يقوله بَيِّنَةَ لم يُجْبَرْ على قَبُولِهِ [وتسمع هذه البَيِّنَةُ؛ لأن له في إقامتها غَرَضًا ظاهراً، وهو الامْتِنَاعُ عن الحرام. هكذا أطلقه كثيرون.

وقال الصَّيْدَلاَنِيُّ: إنما يقيم البَيِّنَةَ] (٢) ويسمع إذا عَيَّنَ له مَالِكاً، أما إذا لم يُعيِّنْ فلا تُتَصَوَّرُ البَيِّنَةُ للمجهول، ولا معنى لقولهم: إنه مَغْصُوبٌ.

وللمطلقين أن يقولوا: إذا كان مَقْصُودُ هذه البَيِّنَةِ الامْتِنَاعُ عن الحرام لم يبعد قَبُولُهَا على الإِطْلاَقِ، وإن لم تكن بَيِّنَةٌ، فالقول قول المُكَاتَب: إنه له مع يَمِينِهِ؛ لظاهر اليَدِ، فإن نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ، وكان كما لو أقام البَيِّنَةَ.

وعن ابن أبي هُرَيْرَةَ وَجْهٌ حكاه القاضي ابْنُ كَجٍّ أن المُكَاتَبَ يحتاج إلى البينة.

والمشهور الأَوَّلُ، ولا يثبت بِبَيِّنَةِ السَّيِّدِ حَقُّ المالك الذي عَيَّنَهُ، ولا يسقط بحَلِفِ المكاتب حقه.

ثم إذا حَلَفَ العبد، فظاهر المَذْهَب أنه يجبر السَّيِّدُ على قَبُولِهِ، أو إِبْرَائِهِ عن ذلك القَدْرِ، فإن امتنع منهما أخذ الحاكم النُّجُوَمَ، وعُتِقَ العبد. وقد نص الشافعي -رضي الله عنه- فيما إذا اشْتَرَى نَخِيلاً، وأَفْلَسَ، ورجع البائع في النَّخِيلِ، وعليها ثمرة؛ فقال المُشْتَرِي: حدثت في مِلْكِي، وقال البائع: بل كانت على النَّخِيلِ وقت (٣) البيع، وصدق بعض الغُرَمَاءِ المشتري دون بعض، أنه يُصَدَّقُ المشتري.

وأنه إذا حَلَفَ تُدْفَعُ الثمرة إِلى مَنْ صَدَّقَهُ دون من كَذَّبَهُ.

فحكى الشيخ أبو حَامِدٍ أن من الأَصْحَاب من قال: قَضِيَّةُ قوله: لا تدفع الثمرة إلى المكذب ألاَّ يجبر السَّيِّدُ على القَبُولِ هاهنا، وأن فيهما (٤) قولين بالنَّقْلِ والتخريج، والأكثرون امْتَنَعُوا منه.

وقالوا في الفَرْقِ إذا دفعت الثَّمْرَةُ إلى من صَدَّقَهُ، بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عن الدَّيْنِ بقدرها، ولم يتضرر. وهاهنا لو لم يُجْبَرِ السَّيِّدُ على الأَخْذِ تَضَرَّرَ ببقاء الرِّقِّ.

ويجوز أن يُعَلمَ لما بَيَّنَّا قوله في الكتاب: "أجبر على القبول" بالواو واللفظة


(١) قال في الخادم: وهذه المسألة وقع فيها اضطراب للرافعي وقد سبقت مواضع منها باب الشاهد واليمين وتعليل الرافعي يشعر بأن محل الخلاف في الملئ فإن كان غير مليء وجب أخذه جزماً.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في أ: يوم.
(٤) في ز: فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>