للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم أجمعين- ثم الظاهر من القولين استصحاب الأصل فإنه أصدق وأضبط من الغالب الذي يختلف باختلاف الزمان، والأحوال، والنقل يعضد ذلك، مثل ما روى "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- حَمَلَ أَمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصي فِي صَلاَتِهِ" (١)، وكانت هي بحيث لا تحترز عن النجاسات. إذا تقرر هذا الأصل. فنقول: إنْ ألحقنا عليه الظن باليقين، فلو اشتبه عليه إناء طاهر بإناء الغالب في مثله النَّجَاسَةِ كان كما لو اشتبه بإناء مُسْتَيقَنِ النجاسة، فيحتاج إلى الاجتهاد كما سبق. وإن لم نلحقها باليقين فلا حاجة إلى الاجتهاد، ويستعمل أيهما شاء وكليهما أيضاً. وقوله: "وعليه يخرج امتناع الصلاة في المقابر المَنْبُوشَةِ"، وفي بعض النسخ "وعليه تمتنع الصلاة" أي: على قول إلحاق الغلبة باليقين تمتنع الصلاة في المقابر المنبوشة وكذلك حكم التيمم بترابها، وامتناع الصلاة مع طِيْنِ الشوارع (٢) ونحوه ويجوز أن يرجع الكناية (٣) في قوله: "وعليه يخرج" إلى الخلاف.

قال الغزالي: ثُمَّ لِلاجْتِهَادِ شَرَائِطُ: الأَوَّلُ- أنْ يَكُونَ لِلْعَلاَمَاتِ مَجَالٌ فِي المُجْتَهَدِ فِيهِ فَيَجُوزُ (ز) الاجتِهَادُ في الثِّيَابِ وَالأوَانِي وَلاَ يَجْوزُ فِي تَمْييزِ المُحَرَّمِ وَالمَيِّتَةِ عَن المُذَكَّاةِ وَالأَجْنَبِيَّةِ.

قال الرافعي: الشرائط (٤) جمع شريطة، وحقها أن يقال: الأولى والثانية، فقوله:


(١) متفق عليه وفي رواية لمسلم (يصلي بالناس) وفي رواية له (يؤم الناس) وفي رواية لأبي داود (أن ذلك كان في الظهر أو العصر) وفي رواية للطبراني (أنه كان في الصبح). ادعى بعضهم أن هذا الحديث منسوخ ورد للجهل بالناسخ وتاريخهما، بل جزم ابن دقيق العيد بأن هذا الفعل متأخر عن قوله (إن في الصلاة لشغلاً) وادعى بعضهم أن ذلك كان في النافلة، ورواية مسلم ترد عليه، ولفظ أبي داود (بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهر أو العصر) إذ خرج إلينا وأمامة بنت أبي العاص على عنقه، فقام في مصلاه وقمنا خلفه، وهي في مكانها حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها، ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده أخذها فردها في مكانها ثم قال، فما زال يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته، والحجب من الخطابي مع هذا السياق كيف يقول: ولا يتوهم أنه حملها ووضحها مرة بعد أخرى عمداً، لأنه عمل يشغل القلب، وإذاكان علم الخميصة يشغله فكيف لا يشغله هذا، وقد أشبع النووي الرد عليه، وادعى آخرون خصوصية ذلك برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ لا يؤمن من الطفل البول، وفيه نظر فأي دليل على الخصوصية، وفي الباب عن أنس رواه ابن عدي من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أنس قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه إسناده حسن. انظر التلخيص ١/ ٤٥.
(٢) سقط في ب.
(٣) أي الضمير فالضمير عبارة البصريين، والكناية عبارة الكوفيين ينظر همع الهوامع ١/ ٥٦.
(٤) وهو في اللغة العلامة، ومنه أشراط الساعة لعلاماتها اللازمة لها، ومنه الشروط للصكوك لأنها =

<<  <  ج: ص:  >  >>