للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردَّدَ صاحب [الكتاب في "الوسيط"] (١) تَرَدُّدَ القول إلى أنه إذا عَجَّلَ بشرط الإبراء وفي السيد فأبرأ؛ هل يَنْقَلِب القَبضُ صحيحاً [ففي قول: ينقلب صحيحًا] (٢) لأنه رضي بالأداء بشرط الإِبْرَاءِ، فإذا حصل الشَّرْطُ كان القبض مَرْضِيّاً به، وعلى هذا جَرَى في الكتاب.

ولو أَنْشَأَ رِضاً جديداً، فقبضه عما عليه يحكم بِصِحَّتِهِ، كما لو أذن للمشتري في أن يَقْبِضَ ما في يَدِهِ عن جهة الشِّرَاءِ، وللمرتهن (٣) في قبضه عن جهة الرَّهْنِ.

ويجوز أن يُعَلمَ قوله في الكتاب: "لم يصح الإبراء" مع الحاء والألف بالواو؛ لما أَشَارَ إليه المزني.

وأيضاً ففي تَعْلِيقِ الإبْرَاءِ مُطْلَقاً خِلاَفٌ مَذْكُورٌ في "الضَّمَانِ"، ولو أخذ السيد ما عَجَّلَهُ المُكَاتَب أو أبرأه عن الباقي من غير شَرْطٍ لو عَجَّزَ العَبْدُ نَفسَهُ، فَأخَذَ السَّيِّدُ ما معه وأَبْرَأَهُ عن الباقي، أو أَعْتَقَهُ جاز (٤).

وذكر الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- مُشِيراً إلى حِلِّهِ بقيد حرية المُكَاتَبِ بما عَجَّله أنه (٥) إن أَحَبَّ أن يصح فَلْيَرْضَ المُكَاتَبُ بالعَجْزِ، ولْيَرْضَ السَّيِّدُ بأن يأخذ ما معه ويعتقه، ولكن في هذا (٦) مُخَاطَرَةٌ على العبد، فإنه لا يؤمن ألاَّ يفي السَّيِّدُ بما وَعَدَ وَيَرِقّهُ، ويأخذ ما في يَدِهِ من الأَكْسَاب، فالطريق على ما حكى عن صاحب "الإفصاح" والأئمة -رحمهم الله- أن يقول: إذاَ عَجَّزْتَ نفسك، وأَدَّيْتَ إِلَيَّ كذا، فأنت حُرٌّ، فإذا وجدت الصِّفَتَانِ يعتق، ويكون العِتْقُ على الكتابة.

قال في "التهذيب": لأنه لا ترتفع الكِتَابَةُ بِمُجَرَّدِ تعجيزه نفسه، وإنما يرتفع إذا فَسَخَهَا بعد التَّعْجِيزِ، وإذا عُتِقَ عن الكِتَابَةِ، كانت الأَكْسَابُ له، ثم يَتَرَاجَعَانِ، فيرجع العبد على السَّيِّدِ بما أخذه ويرجع السَّيِّدُ على العَبْدِ بقيمته؛ لأنه أَعْتَقَهُ على عِوَضِ التَّعْجِيزِ، والمال المذكور، والتعجيز لا يصلح عِوَضاً، وكأنه أُعْتِقَ على عِوَضٍ فَاسِدٍ.

وقال في "الشامل": لو لم يُعَلّقْ هكذا , ولكن قال: إن أَعْطَيْتَنِي كذا فأنت حُرٌّ،


(١) في ز: الوسيط في الكتاب.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في أ: وللمريض.
(٤) أطلق الإبراء وهو يوهم أنه إذا تأخر عن التعجيل المشروط فيه الإراء ووقع مستقلاً لا يصح وليس كذلك وكان ينبغي أن يبين صورة المسألة وأن الإبراء صدر جواباً فإن للمسألة شرطين:
أحدهما: أن يكون التعجيل مشروطاً بالإبراء.
والثاني: أن يقع الإبراء على الفور على وجه القبول بما شرطه الدافع كما في سائر العقود ولهذا أفسدوه لشبهة بربا الجاهلية.
(٥) في ز: له.
(٦) في ز: هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>