للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعطاه عُتِقَ، ولكنه عِوَضٌ فَاسِدٌ؛ لأن المُكَاتَبَ لا تَصِحُّ المُعَاوَضَةُ عليه، فَعُتِقَ بالصفة، ويجب عليه تَمَامُ قيمته. واعلم أن الإمَامُ أَطْنَبَ في إِيرَادِ الإِشْكَالِ في هذا الفصل وفيما أَوْرَدْنَاهُ يحِصل به الانْفِصَالُ عن أكثرها.

" فرع":

لو عَجَّلَ المُكَاتَبُ النجم (١) على أن يُعْتِقَهُ، ويُبْرِئَهُ عن الباقي ففعل السيد ذلك، عُتِقَ المُكَاتَبُ، ورجع السيد عليه بقيمته، ويرجع المُكَاتَبُ على السيد بما أَدَّاهُ؛ لأنه أعْتَقَهُ بِعَوَضٍ فَاسِدٍ. حكاه القَاضِي عن النَّصِّ (٢).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثَةُ لِتَعَذُّرِ النُّجُومِ خَمْسَةُ أَسْبَابٍ: إِذَا أَفْلَسَ بِجَمِيعِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَلَهُ فَسْخُ الكِتَابَةِ وَيُسَلَّمُ لَهُ مَا أَخَذَ إلاَّ مَا كَانَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَيَجِبُ رَدُّهَا عَلَى مَالِكهَا، وَلَيْسَ هَذَا الفَسْخُ عَلَى الفَوْرِ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَلاَ يَلْزَمُهُ الإِنْظَارُ إلاَّ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ المَالُ مِنَ المَخْزَنَ، فَإنْ كَانَ مَالُهُ غَائِباً فَلَهُ الفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُرُوضٌ لاَ يُشْتَرَى إلاَّ فِي زَمَانٍ فَلَهُ الفَسْخُ عَلَى الأَظْهَرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَقْصُودُ المسألة الكَلاَمُ فيما إذا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ النجوم عند مَحَلِّهَا، وله أسباب منها:

الإِفْلاَسُ: فإذا حَلَّ نَجْمٌ على المُكَاتَب، وهو عاجز عن أَدَائِهِ، أو أَدَاءِ بَعْضِهِ، فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الكتابة [فإن شاء فسخ بنفسه] (٣)؛ لأنه فسخ مُجْمَعٌ عليه كَفَسْخِ النِّكَاحِ بالعِتْقِ، وإن شاء رَفَعَ الأمَرَ للحاكم لَيَفْسِخَ.

وفي "تَعْلِيق الشيخ أبي حَامِدٍ": أنه إذا ثَبَتَ عَجْزُهُ بِإقْرَارِهِ أو بالبَيِّنَةِ فللسيد فسْخُ الكتابة، ولا يَنْبَغِي أن يشترط إقراره بالعَجْزِ، ولا قيام البينة عليه؛ لأنا سنذكر أنه إذا امْتَنَعَ عن الأَدَاءِ، ثَبَتَ حَقُّ الفَسْخِ للسيد، وإذا لم يُؤَدِّ، فهو مُمْتَنِعٌ إن لم يكن عَاجِزاً، وإذا رفع الأمر إلى الحاكم (٤) فلا بد من ثُبُوتِ الكِتَابَةِ، وحُلُولِ النَّجْمِ عنده ومهما فسخت الكتابة سَلَّمَ للسيد ما أَخَذَهُ؛ لأنه كَسْبُ عبده (٥) نعم؛ ما أخذه من الصَّدَقَاتِ


(١) في أ: النجوم.
(٢) ومراده بالقاضي هو الحسين والنص موجود في الأم وعبارته: "وإن فعل هذا على أن يحدث للمكاتب عتقاً فأحدثه له فالمكاتب حر، ويرجع عليه سيده بالقيمة لأنه أعتقه ببيع فاسد كما قلت في أصل الكتابة الفاسدة.
(٣) سقط في: ز.
(٤) في ز: للحاكم.
(٥) في أ: عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>