للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يحضر، أو يبعث المَالَ إليه عند المَحَلِّ، ولا يجب على السَّيِّدِ تأخير الفَسْخِ بكون (١) الطريق مَخُوفاً، أو المُكَاتَبِ مَرِيضاً.

وفيه وَجْهٌ، ويُنْسَبُ إلى أبي إِسْحَاقَ: أنه لا يفسخ بنفسه عند العَقْدِ؛ بل لا بد من الرَّفْع إلى القَاضِي، فإنه نَائِبُ [الغيّب] (٢)، وقد سَبَقَ ذِكْرُ هذين الوجهين فيما إذا أُمِرَ المُكَاتَبُ. والظاهر الأول. وإلى الوجه المذكور أَشَارَ بقوله في الكتاب: "من غَيْرِ حَاجَةٍ إلى الرفع"، فإن فسخ بنفسه، فليشهد عليه لئلا يُكَذِّبَهُ المُكَاتَبُ.

وإن رفع الأمر إلى الحاكم، فَلاَ بُدّ وأن يثبت عنده حُلُول النجم، وتعذر التحصيل، ويُحَلِّفهُ الحَاكِمُ مع ذلك؛ لأنه قَضَاءٌ على الغائب.

قال الصَّيْدَلاَنِيُّ: يُحَلِّفُهُ أنه ما قَبَضَ من النجم منه، ولا من وَكِيلِهِ، ولا أَبْرَأَهُ ولا أَحَالَ به، ولا يَعْلَمُ له مَالاً حَاضِراً. وذِكْرُ الحَوَالَةِ [يَتَفَرَّعُ] (٣) على جَوَازِ الحِوَالَةِ بالنُّجُومِ. ولو كان مَالُ المكاتب الغائب حاضرًا، لم يُؤَدّ الحاكم النُّجُومَ منه، ويمكن السيد من الفَسْخِ؛ لأنه ربما عَجَّزَ نَفْسَهُ لو كان حَاضِراً، ولم يُؤَدِّ المَالَ.

ولو أنظر المُكَاتب بعد حُلُولِ النَّجْمِ، وأَذِنَ له في السَّفَرِ، ثم بَدَا له في الإِنْظَارِ لم يكن له الفَسْخُ في الحَال (٤) لأن المُكَاتَبَ غير مُقَصِّرِ هاهنا، وربما اكْتَسَبَ في السَّفَرِ ما يَفِي بالوَاجِب، ولكن يَرْفَعُ السيد الأَمْرَ إلى الحاكم، ويقيم البَيِّنَةَ على الحُلُولِ والغيبة وَيحْلِفُ مع ذَلك، ويذكر أنه رَجَعَ عن الإنظَارِ، فيكتب الحَاكِمُ إلى حَاكم بَلَدِ المُكَاتَب ليعرفه الحال؛ فإن أظهر العَجْزَ كتب به إلى حَاكِم بَلَدِ السَّيِّدِ ليفسخ إن شَاءَ. وإن قال: أُؤَدِّي الوَاجبَ، فإن كان لسَّيِّد وَكِيلٌ هناك أمره (٥) بالتسليم، فإن أبَى ثَبَتَ حَقُّ الفَسْخ [بالامتناع] (٦) للسيد، وللوكيل الفَسْخُ أيضاً إن كان وَكِيلاً به. وحكى القاضي ابْنُ كَجٍّ قَوْلاً آخر: أنه لا يَثْبُتُ حَقُّ الفَسْخ بالامْتِنَاع من التسليم إلى الوَكِيلِ، لاحتمال العَزْلِ، وإن لم يكن هناك وَكِيلٌ أمره الحاكم بإِيصَالَهِ إليه، إِما بنفسه أو بغيره، وَيَلْزَمَهُ ذلك في أول رفقة تَخْرُجُ، أو في الحال إن كان لا يَحْتَاجُ إلى رُفْقَةٍ في ذلك الطريق، وعلى السَّيِّدِ الصبر (٧) إلى أن تَمْضِي مُدَّةُ إِمكَانِ الوُصُولِ، فإن مَضَتِ المُدَّةُ ولم يوصله مقصّراً فللسَّيِّدِ الفَسْخُ.


(١) في أ: ويكون.
(٢) في ز: الغائب.
(٣) في ز: بتفريع.
(٤) هذا إذا علم البلد الذي فيه المكاتب فلو لم يعرف فيجوز أن يقال ليس للسيد الفسخ لأنظاره وعدم تقصير المكاتب ويجوز أن يقال يفسخ وإلا لزم الضرر على السيد ولم أر فيه نقلاً. قاله في الخادم.
(٥) في ز: أمر.
(٦) سقط في: ز.
(٧) في أ: المصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>