للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه خلاف. وقوله في الكتاب: "فلا يُضَارِب الغُرَمَاء بالنجم"؛ يجوز أن يُعَلَمَ بالواو لما تَقَدَّمَ أن على قَوْلٍ أو وَجْهٍ يُوَزَّع ما في يَدِهِ على النجوم وغيرها.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ:) إِذَا كَاَتَبَا عَبْداً فَلَيْسَ لِأحَدِهِمَا أَنْ يَنفَرِدَ بِقَبْضِ نَصِيبِ نَفْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَا فِي يَدِ العَبْدِ كَالمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ سَلَّمَ إِلَى أَحَدِهِمَا جَمِيعَ النُّجُومِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ يُعْتَقُ نَصِيبُ القَابِضِ، وَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِتَقْدِيمِ الآخَرِ بِنَصِيبِهِ فَقَبَضَ فَهَلْ يُعتَقُ نَصِيبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا كان بَيْنَ اثْنَيْنِ عَبْدٌ بالسَّوِيَّةِ (١)، فَكَاتَبَاهُ معاً، لم يكن للمُكَاتَبِ أن يُفَضِّلَ أَحَدَهُمَا على الآخر في قَدْرِ المَدْفُوعِ، ولا أن يُقَدِّمَ أَحَدَهُمَا على الآخر, لأن أَكْسَابَهُ مُشْتَرَكَةْ بينهما؛ فإن دَفَعَ إلى أحدهما تَمَامَ حِصَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ، لم يُعْتَقْ منه شَيْءٌ؛ لأن نِصْفَ المَأْخُوذ لشريكه، ويجيء فيه وَجْهٌ ضَعِيفٌ قد سَبَقَ.

وإن دفع إليه [قبل] (٢) تمام النجوم، فكذلك.

وحكى الإِمَامُ وَجْهاً: أنه يُعْتَقُ نَصِيبُ القَابِضِ؛ لأنه لا يَلْزَمُهُ رَفْعُ اليَدِ، إلاَّ عن نِصْفِ المَقْبُوضِ، فليستقر مِلْكُهُ في نِصْفِ المقبوض، ولا خلاف أن لِلشَّرِيكِ الآخَرِ أَخْذَ حِصَّتِهِ مما قَبَضَ، ولا في أنه إذا قَبَضَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ النجوم بإذْنِ الآخر عُتِقَ العَبْدُ.

وإن دفع إلى أحدهما حِصَّتَهُ من مَالِ الكِتَابَةِ بِإذْنِ الآخَرِ، ورِضَاهُ بتقديمه؛ ففي صِحَّةِ القَبْضِ قولان؛ وقال صَاحِبُ الكتاب: وجهان:

أصحهما: على ما قاله الرُّوَيانِيُّ في "الحلية"، وهو اختيار المُزَنِيِّ: أنه لا يَصِحُّ؛ لأن حَقَّهُ ما في ذِمَّةِ المُكَاتَب، وما في يَدِهِ مِلْكُهُ، فلا أَثَرَ للِإِذْنِ فيه، ولأنه لو جَاءَ بالمَالِ ليعطيهما، فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بأَن يَزِنَ للآخر أَوَّلاً، ففعل وأقبضه؛ لم يُعْتَقْ حتى يَزِنَ للآخر.

ولو هَلَكَ الباقي قبل أن يَدْفَعَهُ إلى الثاني، كان المَدْفُوعُ إلى الأَوَّلِ بينهما؛ فكذلك هاهنا.

والثاني: يَصِحُّ؛ لأن الحَقَّ لا يَعْدُوهُمْ، وقد اتَّفَقُوا عليه.

ويروى عن أبي حَنيفَةَ مِثْلُ القولين.

وفي طريقة الصَّيدَلاَنِيِّ أن من الأصحاب من بَنَى القَوْلَيْنِ، على أنه: هل يجوز أن يُكَاتِبَ أَحَدُ الشريكين نَصِيبَهُ بِإذْنِ الآخَرِ؟

إن جَوَّزْنَاهُ صَحَّ القَبْضُ، وإِلاَّ فَلاَ.


(١) في ز: بالتسوية.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>