للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر غيره أنهما مَبْنِيَّانِ على أن المُكَاتَبَ: هل تنفذ تَبَرُّعَاتُهُ بِإذْنِ السيد؛ لأن هذا التقديم (١) تبرع.

وتعرف الشيخ أبو محمد في "السلسلة" لِلْبَابَيْنِ جميعاً؛ فإن قلنا: لا يصح القَبْضُ، لم يُعْتَق نَصِيبُ القَابِضِ، وللآذِنِ طَلَبَ حِصَّتِهِ من المَقْبُوضِ، ثم إن أَدَّى العَبْدُ الباقي عُتِقَ عليهما، وإلاَّ فَلَهُمَا التَّعْجِيزُ.

فإن قلنا: يصح القَبْضُ اسْتَبَدَّ القَابِضُ بما قَبَضَهُ، وعُتِقَ نَصِيبُهُ، ثم إن كان مُعْسِراً، لم يُعْتَقْ نصيب الآخر عليه، ولكن إن كان في يَدِ المُكَاتَبِ ما يفي بنصيب الآخَرِ وأداه عتق نصيبه أيضاً وإلاّ فللآخر تَعْجِيزُهُ.

وإن كان الَّذِي قَبَضَ حِصَّتَهُ مُوسِراً قُوِّمَ عليه نَصِيبُ الشريك، ومتى يُقَوَّمُ في الحال، أو عند التَّعْجِيزِ عن نصيب الشريك؟

فيه القولان المَذْكُورَانِ من قَبْلُ، فيما إذا أَعْتَقَ أحَدُهَمَا نَصِيبَهُ.

فإن قلنا بالتَّقْوِيمِ في الحَالِ، فجميع ما في يَدِ العَبْدِ للشريك الآذِنِ (٢)؛ لحصوله في حال تَفَارُقِهِ واستيفاء (٣) الأول نصيبه.

وإن قلنا بالتَّقْوِيم عند العَجْزِ، فما اكْتَسَبَهُ إلى أن يُعْتَقَ نِصْفُهُ يكون للشريك الآذِنِ، وما اكْتَسَبَهُ بعد ذلكَ يكون بَيْنَ المُكَاتَبِ والشريك الآذِنِ؛ لأنه اكْتَسَبَهُ بنصفه الحُرِّ، ونِصْفِهِ المكاتب.

وإن مات قبل الأدَاءِ والتَّعْجِيز، فعلى ما سَبَقَ هناك.

هذا ما يوجد لأكثر النَّاقِلِينَ -رحمهم الله-.

وسلك الإِمَامُ -رحمه الله- طَرِيقَةً أُخْرَى فقال: إن كان في يَدِهِ وفاء بنصيب الشريك الآذن، فالذي رَأَيتُهُ للأصحاب -رحمهم الله- القَطْعُ بأنه لا سِرَايَةَ.

قال في "الوسيط": ولا نقول بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، بل يؤدى نصيب الآذِنِ فإذا أدَّى عُتِقَ عليهما، وإن عَجَزَ عن أدَاءِ نَصِيبِ الآذن؛ فقد حُكِيَ عن ابن سُرَيْجٍ: أنه لا يُشَارِكُ القَابِض فيما قَبَضَ؛ لأنه لما قدمه فقد رَضِيَ بِبَقَاءِ حَقِّهِ في ذِمَّةِ المُكَاتَبِ، فعلى هذا


(١) في أ: التقويم.
(٢) قال في الخادم: كذا وقع في أكثر نسخ الرافعي وهو سهو، أما قوله: "فجميع ما في يده يكون للشريك الآذن" فغلط بل الذي يأخذ منه النصف وبذلك قطع الأصحاب منهم القاضي أبو الطيب والماوردي وابن الصباغ وغيرهم ثم ساق عبارتهم.
(٣) في ز: استبقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>