للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْنُ المُؤَدَّى عنه إلى إذْنِ سَيِّدِهِ يصح بلا خلاف؛ لأنه يكون إِقْرَاضاً، والإقْرَاضُ بِإذْنِ السَّيِّدِ جَائِزٌ بلا خلاف (١)، فإن لم يَصِحَّ أَدَاؤُهُ، فله الاسْتِرْدَادُ، وإن عُتِقَ قبلَ الاسْتِرْدَادِ، ففيه الخلاف.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (فَرْعٌ:) لَوْ كَانَا مُتَفَاوِتِي القِيمَةَ فقَالَ الخَسيسُ: أَدَّيْنَا النُّجُومَ عَلَى عَدَدِ الرُّؤوسِ وَقَالَ الآخَرُ: بَلْ عَلَى قَدْرِ النُّجُومِ وكَانَا قَدْ جَاءَا به مَعاً فَالصَّحِيحُ أَنَّ القَوْلَ قَوْلُ مَن يَدَّعِي الاِسْتِوَاءَ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِما.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المُكَاتَبُونَ دفعة واحدة إذا اختلفوا فيما دَفَعُوهُ إلى السيد، فقال من قَلَّتْ قيمته: أدينا النجوم على عدد الرؤوس وقال من كَثُرَتْ قِيمتُهُ: بل على أقدار القيم (٢)؛ فقد نَصَّ في "المختصر" أن القول قَوْلُ من قَلَّتْ قيمته.

وعن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في مَوْضِعٍ آخر: أن القَوْلَ قَوْلُ من كَثُرَتْ قيمته، وفيهما طريقان للأصحاب:

أظهرهما: أن فيه قولين:

أصحهما: أن القول قَوْلُ من قَلَّتْ قيمته؛ لأن ما أدوه وسَلَّموه كان في أيديهم، وصَاحِبُ اليد يصدق أن (٣) في يَدِهِ ملكه،

والثاني: أن القَوْلَ قَوْلُ من كَثُرَتْ قيمته؛ لأن الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ عليه دَيْنٌ ألاَّ يزيد عن أَدَاءِ ما عليه.

والثاني: تنزيل النَّصَّيْنِ على حالين، فحيث قال: القول قَوْلُ مَنْ قَلَّتْ قيمته، أراد ما إذا أَدَّوْا بَعْضَ المال، وكان المُؤَدِّي، بحيث لو وَزَّعَ على عَدَدِ رؤوسهم لم يَخُصَّ واحداً منهم أكثر بما كان عليه.

وحيث قال: القَوْلُ قَوْلُ مَنْ كَثُرَتْ قيمته، أراد ما إذا أَدَّوْا الجَمِيعَ، والذي قَلَّتْ قيمته يَدَّعِي أنه أَدَّى أكثر مما عليه، وأن ذلك وَدِيعَةٌ له عند السيد، أو قرض على كَثِيرِ القيمة؛ فيطالب بالبَيِّنَةِ.

وربما قيل: إن كان الخِلاَفُ فيما سِوَى النَّجْمِ الأخير، فَيُصَدَّقُ مَنْ قَلَّتْ قيمته؛ لأنه قد يُؤَدِّي زَيادَةً ليحتسب بها عن النَّجْمِ الأخير.


(١) وقد اعترض عليه في نفي الخلاف بحكايته بعده أن تبرعات المكاتب كالهبة والإبراء والإقراض أن وجدت بإذن السيد ففيها القولان وجوابه أن الذي قاله هنا قد حكاه عن القفال وهناك قطع بالقولين فيحصل من الموضعين في الإقراض طريقان.
(٢) في أ: إقرار بالقيم.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>