للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "تعليق الشيخ أبي حَامِدٍ": أنه المَنْصُوصُ.

وذكر أبو الفَرَجِ الزاز أنه المَشْهُورُ، وأن الأَصَحَّ حُصُولُ التَّقَاصِّ بتراضيهما.

إن اختلفا في الصِّفَاتِ كالصِّحَّةِ، والتَّكْسِيرِ، والحُلُولِ، والتأجيل، أو مقدار الأجل، فلا يصير أُحَدُهُمَا قصاصاً بالآخر، لاختلاف الأَغْرَاضِ، ولصاحب الحال أن يَسْتَوْفِيَهُ، وينتفع به إلى أن يَحلَّ ما عليه. ولو تَرَاضَيَا على جَعْلِ الحال قصاصاً بالمُؤَجّل لم يَجُزْ، كما في الحِوَالَةِ. وحكى أبو الفرج فيهما وَجْهاً آخر.

ولو كانا مُؤَجَّلَيْن بأَجَلٍ وَاحِدٍ، فقد قيل: هما كما لو كَانَا حَالَّيْنِ. وهذا أَوْجَهُ عند الإِمام (١)، لكنه تَرَدَّدَ في مجيء القول الرابع.

وقال في "التهذيب": الصحيح أنهما كالمُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلَيْنِ مختلفين. وإن كانا من جِنْسَيْنِ بأن كان أحدهما دَرَاهِمَ، والآخر دَنَانِيرَ فلا مُقَاصَّةَ، والطريق أن يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا ما على الآخر، ثم إن شاء جَعلاَ المَقْبُوضَ عِوَضاً عَمَّا على الآخر.

قال الرُّوَيَانِيُّ: لأن دَفْعَ العِوَضِ عن الدَّنَانِيرِ فِي الذِّمَّةِ يجوز، ولا حاجة إلى قَبْضِ الحقَّيْنِ معاً. وإن لم يكن الدَّيْنَانِ نَقْدَيْنِ؛ فإن كانا من جِنْسٍ واحد:

فعن صاحب "التقريب" أن التَّقَاصَّ على الاخْتِلاَفِ المذكور إذا أَجْرَيْنَاهُ في النَّقْدَيْنِ، ففي ذوات الأَمْثَالِ وَجْهَانِ؛ لأن ما سوى النَّقْدَينِ يظهر فيه التَّفَاوُتُ، وأنا إذا أجْرَيْنَاهُ في ذَوَاتِ الأَمْثَالِ ففي العرضين الموصوفين في الذِّمَّةِ وجهان بالترتيب؛ لأن التفاوت فيها أكثر. والذي أَوْرَدَهُ العراقيون [وغيرهم من الأصحاب] (٢) أن التقاصَّ لا يَجْرِي في غير الأثْمَانِ من العروض وغيرها.

وفَرَّقَ الشيخ أبو حامد بأن العَقْدَ على الأَثْمَان [ليس عقد] (٣) مُغَابَنَةٍ ومُرَابَحَةٍ؛ لقلة الاختلاف فيها، فالتَّقَاصُّ فيها قَرِيبٌ؛ بخلاف سائر الأَمْوَالِ.

وإن كانا من جنسين فلا مُقَاصَّةَ.

وإن تَرَاضَيَا -بل إن كان عَرَضَيْنِ- فينبغي أن يَقْبضَ كُلُّ واحد منهما ما على الآخر، فإن قَبَضَ أَحَدُهُمَا لم يجز رَدُّهُ عِوَضاً عن المُسْتحق المَرْدُود عليه؛ لأنه بَيْعُ عَرَضٍ قبل القَبْضِ، إلاَّ أن يكون ذلك العَرَضُ مستحقاً بِقَرْضٍ، أو إِتْلاَفٍ لا بِعَقْدٍ.


(١) ما حكاه عن الإِمام ليس كذلك، ولم يرجح الإِمام في ذلك شيئاً وعبارته في النهاية ولو فرضنا دينين مؤجلين فهذا فيه احتمال عندي والوجه إجراء ثلاثة أقوال فأما القول بالتساقط من غير رضي فلست أرى له وجهاً.
(٢) سقط في: ز.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>