للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: طرد القولين.

والثاني: القَطْعُ بالفساد، بخلاف الوَصِيَّةِ؛ لأنها تَحْتَمِلُ من الخَطَرِ ما لا يحتمله البَيْعُ والرَّهْنُ، والخلاف في هذه الصورة كالخِلاَفِ فيما إذا باع مَالَ أبيه على ظَنِّ أنه حَيٌّ فَبَانَ أنه مَيِّتٌ.

وفي معناه ما إذا وَكَّلَ وَكِيلاً بِشِرَاءِ عَبْدٍ، ثم باعه، وهو لا يدري أن الوَكِيلَ قد اشْتَرَاهُ. أو باع مَالَ يَتِيمٍ، وهو لا يدري أن أَبَاهُ جعله وَصِيّاً له، فَبَانَ أنه جَعَلهُ وَصِيّاً.

"المسألة الثانية": الوصية بوضع النُّجُومِ عن المُكَاتَبِ صَحِيحَةٌ، معتبرة من الثلث.

فلو قال: ضَعُوا عنه مَا عَلَيْهِ من النجوم، أو كتابته فقضيته وضع الكل. ولو قال: نَجْماً من نجومه، فالاختيار لِلْوَارِثِ، يضع ما شَاءَ من القليل والكثير، والأَوَّل والآخر.

وكذا لو قال: ضَعُوا عنه ما قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وما خَفَّ أو ثَقُلَ، فالقِلَّة والكثرة، والخِفَّة والثقل أُمُورٌ إِضَافيَّةٌ.

ولو قال: ضَعْوا عنه ما شاء من نُجُوم الكتابة، فشاء وَضْعَ الكل؛ لا يوضع الكُلُّ، بل يبقى أَقَلّ ما يتموّل؛ لأن "من" للتَّبْعِيضَ، فلو اقتصر على قوله: ضَعُوا عنه ما شَاءَ، نقل المُزَنِيُّ أنه يبقى شَيْءٌ، ولا يوضع الكل وإن شاء؛ لأن المَعْنَى: ضَعُوا من كِتَابَتِهِ ما شاء، وإلا لَقَالَ: ضعوا عنه النجوم.

وإذا كان هذا مُضْمَراً كان كالصُّورَةِ السابقة ومنهم من قال: يَجُوزُ وَضْعُ الكل، إِذا شاءه، كما لو قال: ضعوا عنه ما عليه ان شَاء، فَحَصَلَ وجهان، والأَظْهَرُ على ما ذكر (١) في الكتاب الأول.

ولو قال: ضَعُوا عنه أَكْثَرَ ما عليه، أو أَكْثَرَ ما بَقِيَ عليه، يوضع عنه نِصْفُ ما عليه وزِيادَةٌ، وتقدير الزِّيَادَةِ إلى اختيار الوَارِثِ.

وذكر الصَّيْدَلاَنِيُّ أنه إذا [كانت] (٢) الزيادة فَوْقَ الأَقَلِّ المُجْزِئِ، فما زَادَ على ما يجزئ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ من قبل الوارث؛ لأن اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ القليل والكثير.

قال الإِمَامُ: هذا مَأْخُوذٌ عليه، بل هو تَفْصِيلٌ منهم

ألا ترى أنهم لو اقْتَصَرُوا على الأَقَلِّ المجزئ لم يَجُزْ أن يقال: إنهم نقصوا من الوصية. ولو قال: ضَعُوا عنه أكْثَرَ ما عليه، أو أكثر ما بقي عليه، ومثل نصفه فَيُوضَعُ عنه ثلاثة أَرْبَاعِ ما عليه وَزِيَادَةُ شيء.


(١) في ز: ذكرنا.
(٢) في ز: كاتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>