للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه قولان:

أشبههما: عند الشافعي -رضي الله عنه-: أنه للسَّيِّدِ، كما أن حَقَّ المِلْكِ في الأم له، وكما أن حَقَّ المِلْكِ في وَلَدِ أم الولد للسيد.

والثاني: وهو اختيار المزَنِيِّ-: إنه لِلمُكَاتَبَةِ؛ لأنه يتكاتب عليها، فيكون حَقُّ الملك فيه لها، كما أن حَقَّ المِلْكِ في المكاتب للسيد، ولأنه لو كان للسَّيِّدِ لما عتق بعتقها.

ويَتَفرَّعُ على القولين صور:

منها: إذا قُتِلَ الوَلَدُ، فعلى القول الأول تكون القِيمَةُ للسَّيِّدِ كقيمة الأم [لو قتلت] (١)، وعلى الثاني تكون لِلْمُكَاتَبَةِ تَسْتَعِينُ بها في أداء النجوم. وحكى الصَّيْدَلاَنِيُّ وَجْهاً: أنها تكون للسَّيِّدِ أيضاً؛ لأن القَتْلَ يقطع أَثَرَ الكِتَابَةِ، فيموت رَقِيقاً له.

والأظهر: الأول.

ومنها: كَسْبُ الولد، وأَرْشُ الجناية عليه فيما دون النَّفْسِ، ومهر الوطء بالشُّبْهَةِ إذا ولدت المُكَاتَبَة جَارِيَةً؛ ما حكمها؟

إن قلنا بالقول الأول؛ فقد قيل: إنها تُصْرَفُ إلى السيد، بلا تَوَقُّفٍ، كما تُصْرَفُ إليه القِيمَةُ إذا قيل على هذا القول.

والصحيح: أنها تُوقَفُ، فإن عُتِقَتْ المُكَاتَبَةُ، وعُتِقَ الوَلَدُ، فهي له وإلاَّ فهي للسيد (٢)، كما أن كَسْبَ الأم إذا عُتِقَتْ يكون لها، وإلاَّ فللسيد.

وأيضاً؛ فإنا -وإن جعلنا حَقَّ المِلْكِ فيه للسيد- فليس له التَّصَرُّفُ فيه بالبيع وغيره، بل يتوقف إلى أن يتبين أمره في الحُرِّيَّةِ والرق، فليكن كَسْبُهُ كَنَفْسِهِ.

ثم إن أَرَقَّتِ الأُمُّ نفسها مع القُدْرَةِ على أَدَاءِ النجوم؛ فقال الوَلَدُ: أُؤَدِّي نجوم أُمِّي من كَسْبِي لِتُعْتَقَ فأعتق.

قال في "النهاية": لا يُمَكَّنُ منه؛ لأنه تَابعٌ لا اخْتيَارَ له في العِتْقِ.

وإن عَجَزتْ وأَرَادَتْ أن تأخذ من كَسْبِ وَلَدِهَا المَوْقُوفِ، وتستعين به في أداء النجوم؛ فهل تجاب؟

فيه قولان:

أحدهما: نعم؛ لأنها إذا رُقَّتَ رُقَّ الوَلَدُ، وأخذ السيد كَسْبَهُ، وإذا عُتِقَتْ عتق،


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: فللسيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>