للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يَفْضُلُ شيء من الكَسْبِ، ففي إجابتها حَطٌّ للولد.

وأصحهما: على ما ذكر الإِمَامُ: المَنْعُ؛ لأنه لا حَقَّ لها في كَسْبِهِ على هذا القول، فإن مات الوَلَدُ في دَوَام التَّوَقُّفِ، ارتفع الوَقْفُ، وصرف الموقوف إلى السَّيِّدِ على هذا القول.

وإن قلنا بأن حَقَّ المِلْكِ فيه للأُمَّ؛ فالكسب والأَرْشُ والمَهْرُ لها تَسْتَعِينُ بهما في أَدَاءِ النُّجُومِ، وتصرف ما يحصل إليها يَوْماً بيوم، بلا تَوَقُّفٍ.

ومنها: نَفَقةُ الوَلَدِ على (١) السيد، إن قلنا: يُصْرَفُ الكَسْبُ إليه في الحال وإن قلنا: يُوقَفُ فينفق عليه من كَسْبِهِ، ويعالج جرحه، ويكفي مؤناته فما فضل فهو الذي يُوقَفُ. فإن لم يَكُنْ له كَسْبٌ أو لم يف بالنَّفَقَةِ؛ ففيه وجهان:

أصحهما: أنها على السَّيِّدِ؛ لأن حَقَّ الملك له.

والثاني: ينفق عليه من بَيْتِ المال؛ لأن تَكْلِيفَهُ النَّفَقَةَ من غَيْرِ أن يصرف إليه الكَسْبُ في الحال إِجْحَافٌ به.

وإن قلنا: إنه يصرف الكسب إلى الأُمِّ، فالنَّفَقَةُ عليها.

ومنها: لو أَعْتَقَ السَّيِّدُ الوَلَدَ؛ فإن قلنا: حقُّ الملك له، وقلنا: إن الكَسْبَ يُصْرَفُ إليه في الحال، أو قلنا: يوقف، ومَنَعْنَاهَا من أَخْذِهِ لأداء النجوم، فَيَنْفُذُ إعْتَاقُهُ.

كان جَوَّزنَا لها الاستِعَانَةَ بالموقوف؛ فوجهان:

أظهرهما: أنه لا يَنْفُذُ؛ لئلا يقطع حقها من كَسْبِهِ.

وإن قلنا: إن حَقَّ المِلْكِ في الولد للأم لم يَنْفُذْ إعْتَاقُهُ.

وقوله في الكتاب: "وينفذ إعتاقه"؛ يجوز أن يُعَلَمَ بالواو؛ لما ذكرنا من الوجهين في نُفُوذِ العِتْقِ، إن جَوَّزْنَا لها الاسْتِعَانَةَ بالكَسْب الموقوف، مع التفريع على أن حَقَّ المِلْكِ فيه للسَّيِّدِ، بل إذا رُقَّ بِرِقِّ الأم (٢)، فَكَسْبُهُ مَصْرُوفٌ للسيد، سواء قلنا: إن حَقَّ المِلْكِ فيه للسيد، أو للأم.

وقوله: "أما ولد المكاتب من جَارَيتِهِ .... " إلى آخره، فاعلم أنه لما ذَكَرَ القَوْلَيْنِ في وَلَدِ المُكَاتَبَةِ، أراد أن يُبَيِّنَ أن وَلَدَ المُكَاتَبِ من جَارَيتِهِ يُفَارِقُ حُكْمُهُ حُكْمُ وَلَدِ المكاتبة، فَحَقُّ المِلْكِ فيه للمُكَاتَبِ، بلا خلاف، حتى يصرف كَسْبُهُ إلى المُكَاتَب، بلا خلاف، ولا يَنْفُذُ إعْتَاقُ السَّيِّدِ فيه، ونفقته على المُكَاتَبِ، وإنما كان كذلك؛ لأن هذا


(١) في أ: إلى.
(٢) في أ: الولد.

<<  <  ج: ص:  >  >>