للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ويعبر] (١) عن الغرض على هذا القول بأنه يُطَالَبُ بأَقَلِّ الأَمْرَيْنِ من قيمته وأرْشِ الجِنَايَةِ. ويُعَبّرُ عن القولين أيضاً بأن يُقَالَ: إن لِلْمُكَاتَبِ أن يَفْدِيَ نَفْسَهُ في الجِنَايَةِ، وبكم يَفْدِيَهَا؟ فيه قولان:

أحدهما: بأقل الأَمْرَيْنِ من أرْشِ الجِنَايَةِ والقيمة.

والثاني: بأرْشِ الجِنَايَةِ بالغاً ما بَلَغَ؛ لأنه لو عَجَّزَ نَفْسَهُ ربما اشترى بذلك القَدْرِ.

فإن قلنا: [يَفْدِي نَفْسَهُ بأقل الأَمْرَيْنِ، فله ذلك، وإن لم يَرْضَ السيد، وإن قلنا] (٢): بالأَرْشِ، وزاد الأَرْشُ على القيمة لم يستقلَّ به، فإن أَذِنَ السَّيِّدُ، فهو على القولين في تَبَرُّعَاتِهِ بالإِذْنِ.

وإن لم يكن في يَدِهِ مَالٌ، وطلب مُسْتَحِقُّ الأَرْشِ تَعْجِيزَهُ، عَجَّزَهُ الحَاكِمُ، ثم يباع كُلُّهُ في الجِنَايَةِ، إن اسْتَغْرَقَ الأرْشُ قِيمَتَهُ، وإلاَّ فَيُبَاعُ منه بقدر الأَرْشِ، وتبقى الكِتَابَةُ في الباقي، فإذا أدى حِصّته في النجوم، عُتِقَ ذلك القَدْرُ.

ولو أراد السَّيِّدُ أن يَفْدِيَة من مَالِهِ، ويستديم الكتابة، فله ذلك، وعلى مُسْتَحِقِّ الأَرْشِ قَبُولُهُ. هذا هو الظَّاهِرُ، وفيه شَيْءٌ قد سبق، يَفْديهِ؟ الجديد: أنه يَفْدِيهِ بالأقل من قِيمَتِهِ وأَرْشِ الجناية.

والقديم: أنه يَفْدِيهِ بالأَرْشِ، وله أن يرجع عن اخْتِيَارِ الفِدَاءِ، ويسلمه للبيع، إلاَّ إذا مَاتَ العَبْدُ بعد اختيار الفِدَاءِ، أو باعه بِإذْنِ المجنى عليه، بشرط الفِدَاءِ، ويسلمه للبيع، إلاَّ إذا مَاتَ العَبْدُ بعد اختيار الفِدَاءِ فيلزمه الفداء.

قال الرُّوَيانِيُّ: وإنما شَرَطَ إِذْنَ المجني عليه في البيع؛ لأن قوله: اخْتَرْتُ الفِدَاءَ؛ لا يُسْقِطُ حَقَّهُ من رَقَبَتِ العبد ما لم يُؤدِّ المال ولو أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ عن النجوم، أو أَعْتَقَهُ، فعليه أن يَفْدِيَهُ؛ لأنه فَوَّتَ بالإِعْتَاقِ مُتَعَلِّقَ حَقِّ المجني عليه، فهو كما لو [قتله] (٣). وهذا بِنَاءً على نُفُوذِ الإِعْتَاقِ، وهو المَشْهُورُ.

وأشار القاضي ابْنُ كَجٍّ إلى أن فيه خِلاَفاً، كإعتاق العَبْدِ القِنِّ إذا جَنَى.

ويمكن أن نُفَرِّقَ بأن المُكَاتِبَ قد صار مُسْتَحِقَّ العِتْق بالكِتَابَةِ قبل الجِنَايَةِ، وإذا أَعْتَقَهُ وَقَعَ العِتْقُ عن الجهة المُسْتَحَقّةِ، والقِنُّ بخلافه.

وبم يَفْدِيهِ السيد؟ فيه طريقان:

أحدهما: أنه على القَوْلَيْنِ: الجديد والقديم.


(١) في ز: ويغير.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>