للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القَطْعُ بأنه يَفْدِيهِ بالأقل، بخلاف حَالِ بَقَاءِ الكتابة؛ فإن الرِّق بَاقٍ هناك، ولو بِيعَ فربما رَغِبَ فيه رَاغِبٌ بأكثر من قِيمَتِهِ، وبعد العِتْقِ فَاتَ هذا التَّوَقُّعُ.

وكلما يلزم السَّيِّد فِدَاءُ المُكَاتَب الجَانِي بإِعْتَاقِهِ، يلزمه بِإعْتَاقِهِ فِدَاءُ ابن المُكَاتَبِ وأبيه، وإذا تكَاتَبَا عليه وَجَنيَا؛ لأنهما يُعْتَقَانِ بِإعْتَاقِهِ.

ولو عُتِقَ المُكَاتَبُ بأداء النجوم، فعليه ضَمَانُ الجِنَايَةِ، ولا يلزم السيد فِدَاؤُهُ، وإن كان هو القَابِضَ للنجوم؛ لأنه مُجْبَرٌ على قَبُولِهَا فالحوالة على المكاتب أَوْلَى، وفيما يلزمه الطَّرِيقَانِ.

ولو جَنَى المُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ، وأَعْتَقَهُ السيد، أَوْ أَبْرَأَهُ عن النجوم، فعليه أن يَفْدِيَهُ، وإن أدَّى النجوم، وعُتِقَ، فضمان الجِنَايَةِ على المُكَاتَبِ.

وما الذي يَلْزَمُهُمَا إن كانت الجِنَايَاتُ مَعاً بِأنْ قَتَلَ اثنين، فصاعداً بضربة وَاحِدَةٍ، أو هَدَمَ عليهم جِدَاراً؛ فعلى القولين المذكورين في الجِنَايَةِ الواحدة:

فعلى الجديد: يَلْزَمُ الأَقَلّ من أرْشِ الجِنَايَاتِ كلها، ومن قِيمَتِهِ. وفي القديم: يلزم الأُرُوش بَالِغَةً ما بَلَغَتْ.

وإن كانت الجِنَايَاتُ مُتفرِّقَةً، فالقديم بحاله، وفي الجديد قولان:

أصحهما: وهو اختيار المُزَنِيِّ: أن الحكم كذلك، يَلْزَم الأقل من أُرُوشِ الجنايات، ومن القيمة؛ لأن الجِنَايَاتِ جميعاً تَعَلَّقَتْ بالرَّقَبَةِ، فإذا أَتْلَفَهَا بالعِتْقِ لم يضمن إلاَّ مَا أَتْلَفَ. ولأن المَنْعَ من البَيْعِ حَصَلَ بالإِعْتَاقِ، والإِعْتَاق شيء واحد، فلم يوجد إلاَّ منع (١) واحد.

والثاني: يجب لكل جِنَايةٍ أَقَلُّ الأمرين من أَرْشِهَا، ومن القيمة؛ لأن البيع كان مُمْكِناً عَقِيبَ كل جِنَايَةٍ وبالإِعْتَاقِ، قوت ذلك، وكأنه أحدث لكل جِنَايةٍ مَنْعاً.

والقولان كالقولين في جِنَايَاتِ أُمِّ الولد، ولو أراد المُكَاتَبُ أن يَفْدِيَ نَفْسَهُ مما في يَدِهِ عن الجِنَايَاتِ؛ ففيه طريقان:

أحدهما: أن فيما يَفْدِي نَفْسَهُ به القَوْلَيْنِ المَنْقُولَيْنِ عن الجَدِيدِ؛ لأن البيع مُمْتَنِعٌ مهما بقيت الكِتَابَةُ، فينزل إدامة (٢) الكِتَابَة مَنْزِلَةَ العِتْقِ بأداء النجوم.

والثاني: القطع (٣) بأنه يَفْدِي بالأقل من أَرْشِ كُلِّ جِنَايَةٍ، ومن القيمة.


(١) في أ: شيء.
(٢) في ز: إدامته.
(٣) في ز: القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>