للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحصيل الأَرْش من عبد الأجنبي، ويُنْسَبُ هذا إلى تَخْرِيج الرَّبِيعِ، وهذا قوله في الكتاب: وقيل: والظَّاهِرُ الأَوَّلُ، إلاَّ أن يكون القَاتِلُ وَالِدَ المَقْتُولِ، ولو كان في عبيده أَبُوه، فقتل عَبْداً له، فكذلك لا يَقْتَصُّ منه.

ولو كان فيهم ابنه، فقتل عَبْداً له، فله أن يَقْتَصَّ منه. وهل له أن يبيع ابْنَهُ وأباه إذا (١) كانا في مِلْكِهِ، وجَنَيَا على عَبْدٍ آخر، أو جناية موجبها المال؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا يَثْبُتُ له على عَبْدِهِ مال، والأَصْلُ منع بيع الوالد والولد.

والثاني: نعم؛ لأنه يَسْتَفِيدُ به حُصُولَ أَرْشِ الجِنَايَةِ، ويخالف غير أبيه وابنه من عَبِيدِهِ، فإن تَعَلَّقَ الأرش به لا يُفِيدُهُ شَيْئاً، فإنه كان يَمْلِكُ بَيْعَهُ قبل الجِنَايَةِ.

والأَوَّلُ أَصَحُّ عند الإِمَام والشيخ أبي حَامِدٍ، وحَكَاهُ القاضي الطبري عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في "الأم". وبالثاني أَجَابَ في "التهذيب".

وعند أبي حَنِيْفَةَ لا يجب القِصَاصُ إذا قَتَلَ بَعْضُ عَبِيدِ المكاتب بَعْضاً [وكذا لو] (٢) قتل بَعْضُ عَبِيدِ الحُرِّ بَعْضاً.

والحالة الثانية: إذا جَنَى على سَيِّدِهِ، فله القِصَاصُ، ولا يحتاج إلى إِذْنِ السيد على ما ذكرنا، فإن كانت الجِنَايَةُ خَطَأً، أو عَفَا على مال لم يجب؛ إذ لا يَثْبُتُ للسيد على عَبْدِهِ مَالٌ.

الثالثة: إذا جَنَى على سَيِّدِ سَيِّدِهِ، فهو كما لو جَنَى على أَجْنَبِيٍّ، فيباع في الأَرْشِ، إلا أن يَفْدِيَهُ المكاتب.

واعلم أن الصُّورَتَينِ الأولَيَيْنِ من صور الفَصْلِ في جِنَايَةِ المُكَاتَبِ، والثالثة في جناية عَبْدِهِ، وقد فَرغْنَا فيها والصورة الرابعة (٣) في الجناية على المُكَاتَبِ، وهي إما أن تفرض على طَرَفِهِ أو نَفْسِهِ:

إن كانت على طَرَفِهِ، فله القِصَاصُ إن كانت بحيث تُوجبُ القِصَاصَ، وليس للسيد مَنْعُهُ كالمريض يقتصّ، ولا يعْتَرِضُ عليه الوَرَثَةُ، والمُفْلِسُ يقتصّ، ولا يَعْتَرِضُ عليه الغُرَمَاءُ. وفيه القول المَحْكِيُّ عن تَخْرِيجِ الربيع ووجه بأنه يُعَجِّزُ نَفْسَهُ، فيعود إلى السَّيِّدِ مَقْطُوعَ اليد بلا جَابِرٍ وإذا قلنا بالظَّاهِرِ؛ فإن اقتصَّ فذاك، وإن عَفَا على مال ثبت المَالُ، لكن لو كان المَالُ دون أَرْشِ الجِنَايَةِ، فقدر المُحَابَاةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الجميع إذا عفا مَجَّاناً، وان عفا مُطْلَقاً، فإن قلنا: موجب العَمْدِ أَحَدُ الأمرين، أو قلنا: موجبه


(١) في ز: إن.
(٢) في أ: وكذلك إذا.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>