للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِصَاصُ، ولكن مُطْلَقَ العفْوِ يوجب المَالَ، ثبت الأَرْشُ وإن قلنا: مُطْلَقُ العفو لا يُوجِبُ المَالَ، لم يجب شَيْءٌ، وإن عَفَا مَجَّاناً سقط القِصَاصُ.

ثم إن قلنا: مُوجَبُ العَمْدِ القِصَاصُ لم يجب شَيْءٌ؛ إن قلنا: مُطْلَقُ العفو لا يُوجِبُ المَالَ، وإن قلنا: يوجبه، فوجهان:

يجب المال إن كان العَفْوُ بغير إِذْنِ السَّيِّدِ، وإن كان بإذنه فعلى قولين؛ كما لو عَفَا عن المَالِ في الجِنَايَةِ المُوجِبَةِ للْمَالِ.

والثاني: لا يَجِبُ، وإن كان العَفْوُ بغير إِذْنِهِ؛ لأن الجِنَايَةَ على هذا القول غير مُوجِبَةٍ للمال، وإنما يَثْبُتُ المَالُ بالعفو المُطْلَقِ، وإذا عَفَا مَجّاناً، فقد امْتَنَعَ من الاكْتِسَابِ بالَعفْوِ المُطْلَقِ. والمُكَاتَبُ إذا امْتَنَعَ من الاكْتِسَابِ لا يُجْبَرُ عليه.

وإن كانت الجِنَايَةُ مُوجِبَةً للمال، فلا يَصِحُّ عَفْوُهُ عنه بغير إذْنِ السيد، وإن عفا. بإذْنِهِ، ففيه القولان في التَّبَرُّعَاتِ بالإِذْنِ، وحيث ثَبَتَ المَالُ بالجِنَايَةِ على طَرَفِهِ، فهو للمكاتب، يَسْتَعِينُ به على أَدَاءِ النجوم؛ لأنه يَتَعَلَّقُ بِعُضْوِ من أَعْضَائِهِ، فهو كالمَهْرِ، تَسْتَحِقُّهُ المُكَاتَبَةُ، ولأن كَسْبَهُ له، وهو عِوَضُ ما تَعَطَّلَ من كَسْبِهِ بقطع ذلك العُضْوِ هكذا وَجَّهُوهُ. وهل يستحق أَخْذَهُ في الحال، أم يتوقَّفُ على الانْدِمَالِ؟ فيه قولان، كما في الجِنَايَةِ على الحُرِّ.

ومنهم من قَطَعَ بجواز الأَخْذِ في الحَالِ هاهنا، سَعْياً في تحْصِيل العِتْقِ. فإن قلنا: يتوقف الأَخْذُ على الانْدِمَالِ، وقد قطعت يَدُهُ، فينظر إن سَرَتِ الجِنَايَة إلى النَّفْسِ، انْفَسَخَتِ الكِتَابَةُ على مَا سَنَذْكُرُ في الجِنَايَةِ على النَّفْسِ، وعلى الجاني الكَفَّارَةُ.

وإذا كان أَجْنَبِيّاً، فعليه القِيمَةُ لِلسَّيِّدِ. وإن انْدَمَلَتْ؛ فإن كان الجاني أَجْنَبِيّاً أخذ المُكَاتَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَيَسْتَعِينُ به على أَدَاءِ النجوم.

وإن كان الجَانِي السَّيِّدُ، فيستحقُّ المكَاتبُ عليه نِصْفَ القِيمَةِ، وهو يَسْتَحِقُّ النُّجُومَ على المُكَاتَب، فإن حَلَّ نَجْمٌ واتَّحَدَ الوَاجِبَانِ جِنْساً وصِفَةً، ففيه الخلاف في التَّقَاصِّ، ويأخذ من لهَ الفَضْلُ الفَضْلَ، وإن اخْتَلَفَا أخذ كُلُّ واحد منهما حَقَّهُ.

وإن قلنا: له أَخْذُ الأَرْشِ في الحال؛ ففي "جمع الجوامع" للقاضي الروياني أنه إن كان الأَرْشُ مِثْلَ دِيَةِ حر، أو أقل، فله أخْذُ جميعه، وإلاَّ فلا يَأْخُذُ أَكْثَرَ من قَدْرِ الدِّيَةِ، لأن الجِنَايَةَ قد تَسْرِي إلى نفسه، ويعود كالواجب إلى الدِّيَةِ لِعِتْقِهِ.

وإذا أخذ مَا لَهُ أَخذَهُ، ثم انْدَمَلَتِ الجِرَاحَةُ، فقد اسْتَقَرَّ الأَرْشُ، وليأخذ الباقي إن لم يأخذ كُلّهُ.

وإن سَرَتْ إلى النَّفْسِ، نُظِرَ، إن سَرَتْ قبل أن يعتق، انْفَسَخَتِ الكتابة، فإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>