للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنهم- ومنهم من قال جَوَّزَهُ في القَدِيم (١)، وقد يُوَجَّهُ ذلك بما رُوِيَ عن جابر قال: كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ في عَهْدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نَرَى بذلك بَأْساً، وعلى هذه الطَّرِيقَةِ جَرَى في الكتاب فقال: "ولا يَجُوزُ بَيْعُهَا قبل المَوْتِ على الجديد".

ويجوز إِعْلاَمُ قوله: "على الجديد" بالواو للطَّرِيقَةِ الأُولى، بما حكى الإِمام في التَّفْرِيعِ على القديم وجهين:

فعن صاحب "التقريب"، والشيخ أبي عَلِيٍّ -رحمهما الله- أنها اشتملت على ولده ونقضته وهي رَقِيقَةٌ، كما كانت، ولا تُعْتَقُ بموت السَّيِّدِ وعن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ والصَّيدَلاَنِيِّ -رحمهم الله- أنها تعْتَقُ بالموت، وإِن جَوَّزْنَا بَيعَهَا في الحَيَاةِ كالمُدَبَّرِ.

وقال: ويجوز أن يقول هو: لا تُعْتَقُ من رَأسِ المَالِ، ويجوز أن يجعلوا عِتْقَهَا كِعِتْقِ المُدَبَّرِ. والوَجْهُ الأول يُرَخِّصُ في إِعْلاَمِ قوله في الكتاب: "عتقت عليه إذا مات" بالواو.

ولو قلنا: بالصَّحِيحِ، فلو قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ بَيعِهَا؛ فحكاية الرُّويَانِيِّ عند الأَصْحَابِ -رحمهم الله- أنه يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ، وما كان فيه في خِلاَفٍ، فقد انْقَطَعَ، وصَارَ مَهْجُوراً. وبهذا أجاب الدَّاركِيُّ. ونقل الإِمَامُ فيه اخْتِلاَفاً لِلأصْحَاب، وذكر أن الشيخ أبو عَلِيٍّ بَنَاهُ على أن مُخَالَفَةَ عَلِيٍّ -كَرَّمَ الله وَجْهَهُ- كانت قبل انْقِرَاضِ العَصْرِ؛ وللأُصُولِيِّينَ خِلاَفٌ في أنه: هل يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ الإِجْمَاعِ انْقِرَاضُ العَصْرِ؟

فإن قلنا: لا يُشْتَرَط؛ نُقِضَ القَضَاءُ بجواز البَيْعِ.

وإن قلنا: يُشْتَرَطُ؛ لم يُنْقَضْ. ويجوز أن يُبْنَى الخِلاَفُ على ما ذكر الصَّيْدَلاَنِيُّ أن لأصحابنا وَجْهَيْنِ في أنه إذا اختلف الصَّحَابَةُ -رَضِيَ الله عنهم- في مَسْأَلَةٍ، ثم أجمع البَاقُونَ على أَحَدِ القولين؛ هل يرفع به الخلاف الأول، وبيع المستولدة -وإن اختلف فيه الصَّدْرُ الأَوَّلُ- فقد أَجْمَعَ أَهْلُ العصر الثاني على منْعِهِ -رضي الله عنهم- أَجْمَعِينَ.

ومنها: أولاد المُسْتَوْلَدَةِ من السَّيِّدِ لا تخفى حُرِّيَّتُهُم، والذين حَدَثُوا من النِّكَاحِ أو


(١) قال في الخادم: محل الخلاف في البيع إنما هو بعد الوضع وكذا قاله ابن حزم في كتاب الأحكام فقال وأجمعوا على منع بيعهن إذا حملن من ساداتهن وإنما اختلفوا في بيعهن بعد الوضع وقد احتج أبو العباس بن سريج في كتاب الودائع على منع البيع باتفاق الأمة على أنها لا تباع في حال الحبل فدلالة اتفاقهم قاضية على حكم ما اختلفوا فيه في حال الولادة وقد ينقض هذا بالحامل بحد من وطء شبهة لا تباع قبل وضعه وتباع بعده ويحكى أن أبا بكر محمد بن داود ناظر ابن سريج في هذه المسألة فقال أجمعنا على أنها كانت أمة تباع فمن ادعى أن هذا الحكم يزول بولادتها فعليه الدليل.
فقال ابن سريج أجمعنا على أنها إذا كانت حاملاً لا تباع فمن ادعى أنها تباع إذا انفصل الحمل فعليه الدليل فبهت أبو بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>